وأنت تسيرُ أول آخر منتصف الحلم في العتمة يدهشك ضوء في البقعة تفركُ يديك تنفخُ بقوةٍ كي تشعـر بالدفء تقرص خـدّ عباد الشمس تزغـرد في سقـف الخريف الطيورُ المهاجرة الدفء الذي تنتظرُ خفةَ ظله كنت طيلة الصيف كونك عانيت ما عانيت من زمهرير الشتاء، كنت تقول حين يأتي الصيف سأَشبَعُ وأُشبِعُ مساماتي دفـئا وأُخـزن ما تسنحُ لي به النهارات علتْ ضحكةُ عينيك فوق زغـرودة العصافير حين سمعتَ صوتَ /صهريج/ المازوت يقترب من الحي الذي تقيم به فتحتَ بابَ منزلك هبطتَ الدرج لاستقبال المازوت تغِلُّ يـدك في جيب قميصك، كيف نسيت بأنك لا تملك ثمن الـ مئة لتر مازوت !
أنسيتَ بأنك قسمت راتبك الشهري قسمين ! قسم للمؤونة وقسم اشتريت به الأساسيات من دفاتر وحقائب وووو لأبنائك الثلاثة تدنتْ ضحكةُ عينيك وتحولتْ بكاءً بكاء أعلى من نشيج مزاريب كانون الثاني، أواه كانون الثاني تذكرتَ الصقيع فما كان منك سوى الاستعانة بالعائلة ،اﻷصدقاء، الجيران لتأمين ثمن المازوت تعودُ صاعداً درج البيت وأنت تفكـرُ من جديد كيف ستُسدد ما استندت وأنت لم تُكمل بعد شراء أغراض المدرسة ولم تكمل بعد تأمين مؤونة الزيت والزيتون ودبس الرمان ودبس البندورة وكنت تفكرُ بأن تشتري سجادة كون سجادتك (أكل الزمان عليها وشرب) تحدق من شرفة منزلك في الشارع العريض تعد السيارات والدراجات النارية التي غزت سوق مدينتك القابعة خلف مجهر الضوء، يدور عباد الشمس وتدور معه بحثاً عن كلمة عن وعـد يـسدّ رمق اﻷمل تنقر رأسك الوساوس كما تفعل العصافير بعباد الشمس تجلس على كرسيك وتفكر ملياً : معظم الكراسي ملونة أحمر أخضر أصفر وتُشتق دائماً ألوان جديدة من خلال دمج لونين أو أكثر لكن يبقى لوني المفضل البني ومشتقاته لاسيما اللون الخريفي المائل إلى الذهبي كونه بلون عيني، أما الكراسي الثابتة اللون غالباً هي منخورة وغزاها السوس بتقادم التخزين في مستودعات باردة لا ترى شمس التجديد إلا بعد غروب الوقت وقس ما يصيب الكراسي يصيب سواها من أدوات الرسم والكتابة والموضة والسفر حتى الحقائب المركونة في زاوية المطار ذاته فاحت رائحتها . الوحيد هو دوار الشمس الذي يشمس كل نهار ساقه لم تصبه العفونة لهذا تقبل عليه العصافير بنهم تشكل حلقة حوله، وتحتفل بطعمه اﻷصلي كذلك هو رأسك لابد من حل المعادلة مؤونة ومدارس ووو يالطيف تلطف ترمي وجعك في سلة خربشات وخرمشات الحياة اللامنتهية تصنع من حنينك للابتسامة طائرة ورقية وتلقي بها من أعلى سطح حلمك لتطير في فضاء اﻷمنية، وأنت بلب المشكلة يرن جرس الوقت انتصف الانتظار وجرحُ الأكف الممتدة لم يندمل صحة وهنا أيتها العصافير ودمتَ ياعباد الشمس وأنت تدور بكامل ألقك تتأبط فرشاة الأسنان تظنها قلماً ، وتُطيّـرُ سربَ غيم ورسائل ملونة . نصرة ابراهيم