من البداهة هنا القول: إن الحرب ومفرزاتها وتداعياتها في أية بقعة من العالم شكلت ومازالت ولمدة طويلة استمرت لعقود، مادة خصبة للذهنية السردية الحكائية المجتمعية وعلى كل المستويات فكيف إن تحدثنا عن الأدب من شعر وقصة ورواية و..إلخ والذي كما هو معروف أيضاً المنعكس الحقيقي لواقع حياتي مجتمعي إذ استطاع الأديب ومن خلال امتلاكه لقدرات وطاقات إبداعية تخيلية أن ينقل بعض ملامحها باعتباره أو من المفروض أنه ابن هذه الأرض الأكثر قدرة على الإصغاء لشهيقها وزفيرها وهو الصوت المدوّي لأبنائها المفجوعين.
ومما لاشك فيه أيضاً ثمة فيض من النتاجات الأدبية متعددة الأجناس طفت على السطح وانتشرت هنا وهناك ومن على منابر ثقافية عدة مابين صحف ودوريات وإذاعة وتلفزيون قدمها الكثير الكثير من الكتاب والأدباء أو ممن يحسبون أنفسهم على هذه (الجماعة) ونتيجة الفوضى وعدم جعل الفنية والألق والإبداع هي المعيارية الأهم لنشر هذا المنتج وطباعة ذاك مما يكتب، وطرحه تحت حجج واهية بل ثمة معايير أخرى و واضحة ساهمت في تكريس الهش على حساب الجيد والجميل .
وكما يقال: المادة الرديئة تطرد الجيدة من التداول لذلك قلناها ومازلنا نقولها: كم نحن بحاجة لأصوات نقدية نزيهة وجريئة مازلنا نعوّل عليها كي تعمل على تعزيز الأصيل و الماتع المدهش.
نعم تم طرح الكثير من النتاج والكتابات التي عملت على تصوير بعض جوانب هذه الحرب القذرة، ولكن السؤال هنا :
إلى أية درجة نجح الأديب في إنتاج أدب رفيع وبمستوى فني يليق بصراخ المقهورين والمكلومين من يتامى وثكالى ؟؟
إلى أي مدى كان منتمياً لهذه لأرض الطاهرة وللإنسان السوري، ومنتصراً للحق، للخير، للجمال ؟؟
إذ لا يكفي أن نتحدث عن الحرب وحسب حتى نصدر أنفسنا كتاباً وأدباء .. فتناول الكاتب لقضايا كبرى لا تساعده في إنتاج نص إبداعي كبير وهام ولاتصنع منه كاتباً كبيراً..ولكن يمكن للنص الإبداعي الهام والناجح فنياً أن يمنح ويصور أهمية وخطورة وجسامة الحدث على حقيقته وبالتالي ينجح في تصديره حدثاً جللاً مهيباً ..الخ وبالتالي كل هذا وذاك عائد لما يختزنه ويكنزه الكاتب من طاقات إبداعية تخيلية خاصة.
نعم ثمة أدب وقف في وجه الإرهاب والظلاميين ومن يطلع على المشهد الثقافي السوري يدرك أن ثمة أدباء كتبوا ونشروا وخرجوا إلى تلك المناطق – التي كان يسيطر عليها الإرهاب – حال تحريرها وعلى خطا رجالات جيشنا حماة أحلامنا وآفاقنا الممتدة تجاه النبض ..تجاه الله ليشاركوا أبناء المكان فرحة التحرير وإعادة بعض ما سُلب منهم من أمن وسلام.
لأننا نؤمن بأن أرواحنا ليست أغلى من أرواح أبناء المكان أولاً، ولا هي أغلى من أرواح حماة ضحكات أطفالنا والعصافير، كنا نذهب إلى حيث يجب أن نكون وبكل اعتزاز.
عباس حيروقة