دوافع الإبداع

ثمّةَ أسئلةٌ كثيرةٌ تُطرحُ على بساطِ البَحثِ حولَ هذا الموضوعِ… لِمَ يبدعُ الأديبُ وَلمَ يكتبُ؟ هناكَ منْ يعتقد أنَّ الأديبَ يكتبُ ليكسبَ المَال والشُّهرةَ.. وهناكَ منْ يقولُ إنَّ الأديبَ يكتبُ لِكَي يستمتعَ بعمليةِ الكتابةِ والإبداعِ .. غيرَ أنَّ التَّحليلَ النَّفسيَّ لكثيرٍ منَ الأُدباءِ يفيدُنا في أنَّ المُبدعَ يبحثُ عن مهربٍ في عالمِ الخَيالِ, لكنَّ الأديبَ أو الشَّاعرَ, حينَ يستعملُ خيالَه, لا يهربُ منَ الحقيقةِ, بلْ يلتمِسُها أيضاً في عالمِ الخيالِ, لأنَّ الخيالَ والواقعَ هُما وَسيلتانِ لنقلِ الصِّراعِ الدَّاخليِّ الَّذي يُعاني منْهُ الأديبُ , ولذلكَ فإنَّ مفهومَ الهروبِ مفهومٌ غيرُ حقيقيٍّ وغيرُ مَنطقيٍّ, بلْ إنَّ الشَّاعرَ يحتالُ على الواقعِ بالخيالِ, ويغوصُ في هذا الواقعِ بشكلٍ أكبرَ منْ خلالِ تنوُّعِ الأساليبِ الَّتي يمنحُها الخَيالُ للأديبِ, وهَكذا يكونُ الخيالُ طريقاً للخلاصِ منَ الواقعِ, والانتقالِ إلى عالمٍ وهميٍّ آخرَ هُو العالمُ الخَياليُّ. وهُو بالتَّالي عملٌ لاشُعوريٌّ. بلْ يمكنُ أنْ يكونَ نوعاً منَ الحُلمِ, يُؤدِّي إلى عمليةِ تنفيسٍ وتخفيفٍ ممَّا يعانيهِ الشَّاعرُ منْ همومٍ ورغباتٍ ومشاعرَ مكبوتةٍ, يَخشاها في الواقعِ ويخافُ منْ إظهارِها , فيكونُ الخيالُ الشِّعريُّ أو الرُّوائيُّ وسيلةً للتَّخلُّصِ مِنها أوْ إظهارِها بشكلٍ فنِّيٍّ . فكم نحن الآن بحاجة إلى الإبداع ! وخاصة في الظروف التي نمر بها ويمر بها الوطن حيث نضبَت الينابيع وفسدت الذائقة في كل فن .

فائق موسى

المزيد...
آخر الأخبار