لا توجد رواية تستطيع عزلَ نفسها عن التخويض في الشأن السياسي المباشر بهذه النسبة أو تلك، حتى ليمكن الزعم أنَّ انصراف الرواية عن معالجة الشأن السياسي بحد ذاته موقف مندرج في الخانة السياسية. ويندر أن نجد رواية تسرد محاسن العمل السياسي، أو تسرده بعين راضية، لأن الرواية – أية رواية – مشغولة من عجينة الرفض والمعاناة الإنسانية العميقة. لقد سردت الرواية شؤوناً سياسية شتى ينتظمها الوجع الإنساني العميق النافذ بقسوة الرصاص والسواطير إلى مادّة الوجدان، يضرب فيها فرماً وتمزيقاً. إنها روايات مركّبة على موادّ موجعة تقع خارج متنها النصّي، بطبيعة حال الفن الروائي. وهذا البحث لا يعنى أساساً بالشأن السياسي الذي يجري في الحياة الواقعية، بل يعنى بالأعمال السردية التي تناولتْه واشتغلت عليه. إنه بطريقة ما شغل مركّب على موادّ مركّبة قبله.
كتاب (مهماز يستحثّ السرد… «سرد الوجع السياسي»)
بقلم: د. صــلاح صــالح
والصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب.