أن يكون للمرأة او الأم يوم واحد في السنة نجعله عيداً لها, ونحتفي بها ونكرمها بإقامة حفلة أو تقديم هدية.. هذا شيء جيد , ولكنه في رأيي ـ غير كافٍ على الإطلاق, لأنها تستحق التقدير, والاحتفاء, والثناء في كل حين. وقد نَصَّت الشرائع السماوية منذ قديم الأزل على عظم مكانة المرأة, وأهمية دورها, ووجوب تقديرها، وإجلالها.. والسيدة مريم العذراء واحدة من الأمهات اللواتي كُنَّ مثالاً للعفة, والطهارة , والنقاء, والخلق الرفيع.. ومن منا لايذكر مواقف الشجاعة والتضحية في سبيل إحقاق الحق، ونشر الخير, والقضاء على الباطل؟.. هذه المواقف البطولية التي تجسَّدت في الشاعرة الخنساء التي ضحت بأولادها الأربعة قائلة: ( الحمد لله الذي شَرَّفني باستشهادهم.. وأدعو الله أن يجمعني بهم في يوم رحمته).. لقد كانت مثالاً لكل أم وكل امرأة تقدم أغلى ماتملك.. وتضحي بفلذات كبدها في سبيل الوطن, والأمة, والدفاع عنهما ضد كل معتد أثيم يحاول النيل من كرامة الوطن والأمة. وتاريخنا العربي حافل بأمثال أولئك النسوة اللواتي شاركن الرجال في المعارك كالبطلة خولة بنت الأزور التي كانت تضع اللثام على وجهها وتحمل سيفها تقاتل الأعداء قتال الأبطال .. ومنهن من كانت تسقي الجرحى, وتضمِّد جراحهم في المعارك.. وفي تاريخنا المعاصر ذكر الكثير من المناضلات كالعربية الجزائرية ( جميلة بوحيرد) التي كانت تقارع الاستعمار الفرنسي في كل مكان كي تحرر وطنها المغتصب حتى نالت الشهادة وهي مرفوعة الرأس. ومن منا يمكن أن ينسى المناضلة الحموية ( أم مجول) أيام الاستعمار الفرنسي لسورية لقد كانت دائماً بين صفوف المقاتلين الشرفاء تقدم لهم الماء , والطعام, وتحمل لهم مايحتاجونه من عتاد المعركة . وهل يمكن لنا أن ننسى البطلة سناء محيدلي التي كانت تقاتل العدو الصهيوني لطرده من الجنوب اللبناني حتى استشهدت قريرة العين, مطمئنة النفس , لأن حلمها قد تحقق بتحرير الجنوب بفضل تضحيتها , وتضحيات الأبطال الشرفاء.. وهل يمكن ؟ وهل يمكن ؟ فأسماء المناضلات العربيات لايمكن حصرها في مقالة قصيرة… والشعراء لم يغفلوا في قصائدهم عن عظمة المرأة عامة, والأم خاصة .. وحين وَجَّه أحدهم نقداً للشاعر الكبير نزار قباني قائلاً له: لقد جعلت أكبر نصيب من أشعارك للمرأة فهل تستحق ذلك؟ أجاب نزار : وكيف لاتستحق والمرأة قضية كبيرة, فهي أم، أو زوجة، أو أخت، أو حبيبة، أو عاملة في أي مجال.. تعمل على نهضة الوطن ورفعته .. وهي صانعة الرجال.. وأما الأمهات اللواتي ضَحَّيْن بأبنائهن في سبيل الدفاع عن سورية الحبيبة في محنتها المؤلمة ضد المعتدين والإرهابيين , فلا يكفي حصرهن في زاوية محدودة لكثرة عددهن, ومثال ذلك الأم ( أم الفوز ) التي ضحت بأبنائها الخمسة وهي سعيدة لأنها مؤمنة تماماً بأن الوطن يهون في سبيله الغالي والنفيس. فإليها وإلى كل الأمهات نقول: كل عام وأنتن بخير. الكاتب:
د. موفق السراج