شعر : فرحان الخطيب
أتيتُ إليَّ ، أختلقُ السّؤالا
وأُعْلنُها ، ارتطاماً أوْ سِجالا
أتيتُ لأنني حلمٌ نديٌ
تحمَّلَ في توجّسهِ المحالا
ينامُ مُساهراً ، ويشيخُ طفلاً
يلوّنُ وحشةً ، ويضيءُ فالا
أتيتُ إليَّ من ظمأِ البراري
وجوعٍ ليسَ يحتلبُ الرّمالا
أجرُّ على دمي قلقي وبؤسي
وأزرعُ في مرارتهِ النّصالا
يروادني حنيني كيفَ أحيا
وَلِمْ لا يشتهي زمني جدالا
وجمرُ الرّوحِ في جسدي تشظّى
على جسدٍ يهادنهُ اشتعالا
وبي وجعٌ إذا شجرٌ تسامى
فلنْ يصلَ التّوجعَ ما اسْتطالا
وهل علمتْ سماءٌ أيَّ حزنٍ
يحلُّ بها ، إذا حزني تعالى
لقدْ لَبَسَتْ وشاحاً من أنيني
وأبقتْ – أنني حيٌّ – هلالا
يكادُ ينوسُ ، يوحشهُ التّنائي
ويأبى في تهجّدِهِ الكمالا
كأنْ سَعدي تغاضى عن يميني
ولمْ يلحظْ على قَصْدٍ شمالا
* * *
أتيتُ ، ولم أَخُنْ ما ظلَّ منّي
وما شَرّعتُ حرباً أو سجالا
تلوّنُ برعمَ الرؤيا حروفي
وتبعثُ في مآقيهِ الجمالا
فذا من دوحتي ، عيناهُ ضوئي
وذا من حيرتي نشرَ الظِلالا
وُلِدتُ على حصى فانساب قهري
وفرَّتْ بَهجتي ، رغْماً و ضَلالا
ألمُّ جروحَ قلبي في عيوني
وأُحكمُ فوقَها صَمتي عِقالا
أفيقُ الصُّبحَ في شمسي غروبٌ
ولا أُمْسي كَمَنْ عشقَ الهلالا
وبينَ تصدُّعي وتُخُومِ خوفي
أُفجّرُ في صدى روحي انفعالا
وأغدو كالحرائقِ دونَ ماءٍ
.فلمّا ذُبْتُ ..سالَ الماءُ و، سالا
* * *
أنا ثلجٌ يذوب على دُروبي
وكانتْ حينَ أصحبُها طوالا
لعلّي في نهايتها .. أراني
على شَفَةٍ ، ربيعاً أو زلالا
غدوتُ على فمي طفلٌ صغيرٌ
يناغي لهفتي ويُحيكُ شالا
ويبحثُ وهْجُ شوقي عن اليفٍ
أبى وصْلاً ..وقد بشَّ ارْتٍحالا
* * *
كرهتُكَ يازماني حيثُ أنّي
رأيتُ مَداكَ يختصرُ الرّجالا
كأنّكَ لم تجدْ فينا وليداً
ولمْ تحملْ سنابلُك الغلالا
كأنّكَ زمهريرٌ في ضلوعي
ولمْ تنشُرْ على رَمْضَا ظلالا
وذاكَ النجمُ لم تحفلْ سمائي
بطلَّتهِ المهببةِ حيثُ جَالا
تناهبتِ الغيومُ مَدارَ أفْقي
فعكّرتِ المهابةَ والجلالا
*
طموحي : أنْ أرى نفسي تغنّي
وإنْ لَبَسَتْ على فقرٍ سِمالا
فلا شاختْ بلاغاتٌ بكوخي
تسامتْ ..رغْمَ أنَّ الحالَ مالا
بَنَتْ دُنيا مدائنُها حروفٌ
ومادالتْ ، وجلُّ الدّهر دالا
مضى عمري كانّي لستُ أحيا
ولم تفسحْ ليَ الدُّنيا مجالا
وقلبٌ قدْ تسيّجَ بالأماني
وما لاقى بها عَمَّا وخَالا
وإنّي كلّما أطلقتُ سهماً
تلقّيتُ الأسنَّةَ ، والنّبالا
حملتُ بلثغةِ الدّوري انكساري
على مَضضٍ وطاولتُ الجِبالا
وإني كلّما رجعتْ خيولي
إلى ميدانها تستاءُ حالا
ولكنّي أعرْتُ لها جموحي
ومهما ساءت ازددتُ احتمالا
وإنّي لا أزالُ رهينَ جذْبٍ
إلى درَكٍ أعاندهُ اختيالا
وسوف يظلُّ توقي نحو ذاتي
وألتمسُ الشّكيمةَ والوصالا
* * *