قصة قصيرة سيبني لي بيتا من طين

سيبني لي بيتاً من طين في الربوة ,أو في زحلة فقط علي أن أختار المكان الذي أحب ,وقبل هذا علي أن أقول له :أنا موافقة على الارتباط بك .
سوف يتغيرُ كلَّ شيء. بيتي الجديد سيكون للحب دون أن يعكر صفوه أي كدر .
كلما جاء إجازة من عمله المكلف به في فرنسا سنلتقي , ونحيا أجمل لحظات العمر ,وداعاً للشقاء مرحباً بالنعيم .
شهر واحد عُمرُ علاقتنا, وما المانع في اتخاذ القرار!
نجاحُ العلاقة غير مرتبط بالفترة الزمنية للتعارف .
زوجي السابق عرفتُه ثلاثَ سنوات قبل الزواج ,وعمر زواجنا عشر سنوات لكننا فشلنا في الاستمرار رغم إنجاني لولديّ التوءم ثمرةُ زواجنا هذه لم تكن حجةً قوية لنستمر في علاقة ماتت فيها الروح, وانعدم بيننا الحديثُ
حتى في سفاسف الأمور اليومية.
وما المانع من خوض التجربة مرة ثانية! أكاد أرى وهج قلبي يشتعل فيه الحب بعد نوم عامين بين المحكمة ,والأولاد ,والعمل ,والجيران ,والشارع ,وهمومٍ لا تنتهي .
لم أظن يوما أني سأقع فريسةَ الوهم صرتُ أشكُّ أنني الثورُ الكبير الذي أحدث الخط الأعوج في أرض سهلة منبسطة على مدِّ تعاقب الأجيال .
صبّتْ فنجان شاي ,وجلست تتابع أخبار التلفاز انتقلت إلى محطتها المفضلة محطة مختصة بعالم الحيوان تبث ليل نهار برامج ممتعة.
بالنسبة لي أستمتع بالتعرف على صفات, وعادات ,وعراك الحيوانات فيما بينها ,وأستمتع أكثر بالحلقات المختصة بالطيور.
بعد اليوم لن يكون لدي الوقت أظن لمتابعة هذه البرامج
لهذا سأملأ ذاكرتي بتلك المشاهد ,وأكتفي بها جرعةً أعود إليها إن حدث وداهمتني لحظةُ فراغ .
فراغ أي فراغ بعد اليوم !!لا لا أظن أن الفراغَ سيقترب من نافذة عمري بعد الآن .
غسلتْ فنجان الشاي عادتْ ,ووضعت ركوةَ القهوة على النار .
ما بي أشعر بالتوتر ويداي ترتجفان! ابتسمتْ لرفوف المطبخ المكتظة بالصحون , والطناجر
سأقومُ بتنظيف المطبخ اليوم ,لأستقبله برائحة عطرة عليّ أن أجعلَها تغلّ في كل زوايا البيت . .
بعد أن أخبرتُه أني موافقة على الزواج به فاجئني جوابُه يوم الثلاثاء القادم سأكون معك , واليوم خميس
أيام قليلة ,ويجلس هنا بجواري .
ماذا سأُحضر له في اليوم الأول من طعام ؟
قال لي مرة أنه يحب الرز والملوخية .إذاً رز وملوخية غداء اليوم الأول .
شربتْ فناجين من القهوة ، وبدأتْ بتنظيف رفوفِ المطبخ ,والصحون ,والطناجر ,والجدران .
عصراً ارتدتْ ثيابَها ,وخرجتْ تتمشى على كورنيش البحر بصحبة ولديها .
مرّ الوقتُ سريعاً كغـزال يعدو في سهول الأمان.
مساء جلستْ مع ولديها ,وقامتْ بمساعدتهم في إكمال واجباتهم المدرسية .
صباحاً تذهبُ إلى عملها ,وفي المساء مع ولديها باﻹضافة إلى أعمالها المنزلية .
قبل الموعد بيوم طلبتْ إجازةً من مديرها, وقصدتْ صالون الحلاقة النسائية بينما كانت تجلس على الكرسي ,
و الكوافيرة تقصُّ لها أطرافَ شعرها بعد أن قامت بصباغه باللون الرمادي نظرتْ في المرآة التي تعكس صورتَها ابتسمت بغنج ودلال وقالت :
أنا جميلةٌ حقاً فقط كان ينقصني بعضُ الاهتمام بنفسي .
هذا اليوم يذكرني بيوم يشبهه قبل أحد عشر عاماً يوم أخبرني زوجي أنه سيزورنا ليخطبني من أهلي .
آه اللي فات لم يمت بل ترك ندبة في حياتي .
وإن يكن سأنسى ,وأحيا مع هذا الرجل الذي تعرفتُ عليه مؤخراً رجل جيد الجمال أيضا حالته المادية جيدة،
ويقول أنه يحبني .ماذا أريد أكثر من ذلك!
سيسمع زوجي السابق بخبر زواجي ليسمعْ, ولتنكسر الدنيا فوق رأسه .
عليه أن يفهم أنني أستطيع برمشة عينٍ أن أتزوجَ من يفوقه بكل شيء .
كنا اتفقنا ألا نتواصل حتى الساعة الثامنة من مساء الاثنين أخبرني أنه سيرتبُ أمورَه ,
وحقائبه طيلة هذه الأيام الأربعة .
تُرى ماذا سيحمل لي من هدايا؟ عطورٌ فرنسية بالتأكيد .
سيبني لي بيتاً من طين في زحلة ,أو بلودان هكذا اتفقنا .
نظرتْ إلى ساعة يدها كانت قد بلغتْ الساعة الثامنة الموعد المنتظر , لتخبرَه أنها بانتظاره غداً في المطار,
ليخبرها في أي وقت ستقلع طائرتُه هكذا اتفقا .
فتحتْ جهاز الموبايل , ثم انتقلت إلى أيقونة جهات الاتصال حتى وصلت إلى اسمه نقرتْ بإصبعها على اتصال.
كان الرد : الرقم المطلوب مغلق أو خارج نطاق التغطية
حبيبُ قلبي لابد أنه أغلق جهازَه كي لا ينشغل بالرد على الاتصالات .
حسناً سأطلبه على المسنجر فتحتْ بيانات الانترنت التي أوقفتْها عن العمل لعدة أيام مضتْ كما اتفقت معه.
انتظرتْ بضعَ دقائق ,ثم فتحت المسنجر ,لتطمئن عليه ,وعلى موعد وصوله .
لم تجد أيَّ رسالة منه لا يهم سأكتبُ له:
أنا بانتظارك غداً .
حاولتْ مرة ثانية ,وثالثة كان المسنجر يجيبها لا يمكنك الرد على هذه المحادثة ،تعرفْ على المزيد..
نصرة ابراهيم