على ضفاف العاصي: رفعت عطفة إلى عوالم من غمام وضباب ونور


نعت وودّعت الأوساط الثقافية والأدبية السورية والعربية الرسمية منها والأهلية أديبا ومترجما كبيرا من مقام مطر وحنطة ..ودعت المبدع رفعت عطفة
أديب أثرى المكتبة العربية بعشرات لا بل ببضع مئات من الكتابات والمقالات والإصدارات بين رواية وشعر وترجمة ..
رفعت عطفة الذي ولد في مصياف عام 1947 يختزن في ذاكرته عشرات المواقف والقصص والحكايا التي جمعته برموز فكر وثقافة عربية ..فيحدثنا عنها وكأنها اليوم ..يضحك فتشعر بعشرات الأطفال يضحكون دفعة واحدة ..يحزن ..يكز على أسنانه حرقة وألما ويطلق عنين وأنين لم تطلقها نواعير الأرض قاطبة ..
رفعت عطفة الذي عمل مديرا للمركز الثقافي في مصياف من عام 1983 حتى 2004 فجعل من مصياف آنذاك عاصمة ثقافية يؤمها رموز فكر وأدب وشعر ومسرح ..فأسس مهرجانات شعرية وأسابيع ثقافية استقطبت اهتمام كل من يعمل في حقل الثقافة والإبداع
وبعد ذلك انتقل مديرا ومؤسسا للمركز الثقافي السوري في اسبانيا – مدريد بين عام 2004 وحتى 2008 ونقل تلك الحيوية الثقافية الإبداعية التي كان عليها في مصياف إلى تلك البلاد فرسم الصورة الحضارية التي تليق بوطن الحضارات سورية
رفعت عطفة الذي تربطني به ومعه علاقة أخوية لكل ما فيه من مقومات تجعلك تفتح له قلبك لا بل وتشرع أبواب قلبك له بكل اعتزاز كيف لا وهو أول من مسك أوراق أول مشاركة لي على منابر سورية وكانت في مصياف عام 1988 في مهرجان شبابي للشعر ومنذ ذلك الحين أصبح المركز الثقافي في مصياف بيتي الثاني وبات مكتبه كما بيته مزارا لي ولكل أصدقائي الذين يزورونني من حلب ودمشق وغيرها من المحافظات فكنت أباهي به وبعقله وابداعاته بين أقراني من الأدباء ..
رفعت عطفة الانسان النبيل النبيل اليوم الاثنين 23 كانون الثاني في ضيافة السماء وأقمارها وعوالمها فلا شك انه سيستوي على عرش من عروش السماء التي خصاها الله لقامات من مقامه
في هذا اليوم الذي ودع فيه أديبنا الكبير عالم الأرض كان لي شرف زيارته و زملائي وزميلاتي في اتحاد الكتاب العرب فرع حماة من المقيمين في مصياف في المشفى ( محمد أبو حمود – حنان درويش – عبير اسماعيل – نصرة ابراهيم – ومدير منذر عطفة المركز الثقافي في مصياف و أنا ) في وقفة إنسانية يستحق أن نقفها من أجله زرناه في المشفى وكأننا نلقي نظرة الوداع ..التقينا زوجته الرائعة العظيمة ( ام زيدون ) وبتكليف وطلب لطيف من رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني ونائبه الأستاذ الشاعر توفيق أحمد أجرينا اتصالاً معهما وتحدثا باستفاضة مع السيدة ام زيدون وأبديا استعداد الاتحاد تقديم كل ما يلزم لما لزميلنا من حضور ودور فاعل ومميز في المشهد الثقافي السوري
ولكن الله شاء وأراد فتوفيّ بعد ثلاث ساعات تقريبا من الزيارة
ومن الجدير ذكره أن الراحل عضو اتحاد الكتاب العرب – كان عضوا في هيئة تحرير مجلة الآداب الأجنبية بين 1999-2004
نال العديد من الجوائز العربية وكرمته غير جهة ثقافية وكما قلنا عشرات الإصدارات منها على سبيل المثال :
التساؤلات ( شعر ) بابلو نيرودا – وزارة الثقافة – دمشق 1978
2666 روبورتو بولانيو ( رواية )دار الجمل – بغداد – بيروت – 2018
وما بين تساؤولات نيرودا و رواية 2666 لروبورتو وما بعدهما وقبلهما ثمة عشرات العشرات من الأعمال المضيئة في بيوتات الثقافة العربية والعالمية
لروحك يا صديقنا الرحمة ولنا ..للثقافة العزاء

عباس حيروقة

المزيد...
آخر الأخبار