ـ هجعت عيون الناس واستكانت في ثبات عميق، هدأ كل شيء في الوجود ماعدا صديق الليل، تسللت أصابعه الفضية بخفة ورشاقة لغرفتها، فداعبت الذكريات والشوق بداخلها.. أمسكت قلمها بعد هجر طويل لتكتب رسالة له..
ـ يا ملحمة عمري..!
في هذه الليلة أفسح مساحة رحبة من الوقت للذكريات… أعد حبات الحكايات التي انتهت والتي ستأتي .. أحلم بك حبيباً وفياً وأمشي مع ذكرياتي على هسيس عشب من الوفاء والإخلاص..
لماذا يأتي طيفك إليّ كلما خلوت بنفسي وهدأت من صخب الآخرين..؟
ربما لأنك البلسم القادر على شفاء ما يختبئ داخل جدران حياتي.. أو أنك شعاع الأمل الذي يبدد تراكم الأفكار في رأسي المتعب من حوادث القدر القاسي، لماذا أجعلك صرخة مكتومة تلوب في فؤادي وتندفع ببطء لتسكن أجفاني وأنام على ومضة حلم يتسلل إلى صدري ويأبى أن يغادر..؟
لماذا.. أنت في كل الوجوه يطالعني وتتألق عيناك تخترقان بنظراتهما صمت قلبي وتتغلغلان إلى أبعد خلية فيه؟
لماذا ينبض قلبي بحبك..؟ لماذا تطاردني أفكاري وتؤرقني…؟
إنني أحاول أن أنفيك من الذاكرة، وأمضي في وجود الأيام لكنك متسلط على عالمي…!
إنني أرى عينيك تتحدثان تقولان أشياء كثيرة تسلباني سلام حياتي فأخضع لهما وأرتمي في نيران حبك كفراشة يجتذبها الوميض..
أيها الساكن في البال ليل نهار.! الهاجس المسيطر على أعضائي وأعصابي ! ماذا عساي أن أفعل اليوم وأنا أرى الساعات تتسرب واحدة تلو الأخرى في رحيل بلا عودة؟ ثم تتحول إلى أيام.. وأسابيع .. وشهور, وأنا أشعر أنني لن أراك إلا .. القليل.. القليل ولم أجتمع بك إلا مصادفة.. وأن ما حلمت به وطمحت إليه لم يتحقق ...
وأنا ما زلت قادرة على الوصول إليه، وإنه الشيء الوحيد الذي يمدني بقوة الاستمرار بالحياة…
إنك رحلت وتركتني.. وأغلقت خلفك بوابة الذكرى.. رحلت دون كلمة وداع ..
رغم أن ما بيننا أكثر وضوحاً من مسافة تقاس بالزمن..
لكنك أيها الحبيب ستعود.. وأنا على يقين أنك ستعود ونلتقي.. ونشعل شموع لقائنا معاً.. وتلامس يداي يديك وباتساع الدنيا يكون فرحنا.. إنني أختزن في أعماقي ليوم ألقاك فرحاً، وحباً، وشوقاً أقدمه لك .. وإلى اللقاء…!!
رامية الملوحي