في حضرة الشعر نقف باحترام لمن حمل الإحساس المرهف، الشاعرة ثناء أحمد من مدينة الفكر والثقافة الولادة للأدباء والشعراء سلمية مدينة النور لتتحدث شاعرتنا عن بداياتها:
أعتقدُ أنَّ كلَّ إنسان شاعر، ولكن تحتلفُ نسبة هذه الشَّاعرية من شخص لآخر وفق المُعطيات الجنينية وتفاعلها مع الواقع، وللبيئة أيضاً تأثير واضح في صقل هذه الموهبة، وللجهود الذَّاتية الأثر الأكبر في صياغتها وتنميتها ودعمها.
فاختياري لتخصصي الجامعي في كلية الآداب قسم اللغة العربية لم يكن عبثياً، إنّما كان نابعاً عن حبٍّ للأدب عموماً، لازمني منذ طفولتي وخلال مراحل دراستي السَّابقة.
فالزّمن لم يفصلني عن الأدب بعد تخرجي، رغم انشغالاتي المهنية التي قُدرَ لها أن تكون خارج اختصاصي، ورغم انشغالاتي العائلية، فمع أي فرصة كنت أجد نفسي مع الكتاب، وكثيراً ما كنتُ أعود لعتادي القديم لكتبي الجامعية أطالعها بعين المُحب وقلبِ الرَّاغب لا برؤية الطَّالب الذي ينتظرُ الامتحان .. الطامح للنجاح.
وكنتُ أجد بين طياتها بضع ورقيات هنا وهناك، لخاطرة كتبتها، أو لقصيدة مقفاة، أو لرؤية نقدية، ورغم أني الآن لستُ راضيةً عنها تماماً إلا أني أحبُّها وأعتزُّ بها.
دائماً كانت قناعتي بضرورة نهلِ الجميع وباستمرار من نهر الثَّقافات، هذا النهر الذي يجب أن يكونَ زاداً لا ينتهي، وعند من نهجَ طريقَ القلمِ والكلمةِ برأيي هو ضرورة ملحَّة.
استهوتني بالبدايةِ القصيدة الموزونة، وأنا لا أشكُّ بجمالها وجاذبيتها، ولكن مع تداعياتِ الحياة، وتطوّر ثقافاتها وتعدد منابعها، وجدت حاجتي للتَّعبير خارج سرب المباشر والمُوسيقا.
فكنتُ في قصيدة النثر أكثر قرباً من ذاتي ومن قناعاتي،
وهنا أودُّ القول: قصيدة النَّثر ليست خالية من الضوابط والمقاييس، وكثرة الخلط بينها وبين الخاطرة والقصة القصيرة لا يقلل من قيمتها، ثم إنَّ الكتابة لا يُحكم عليها من شكلها وجنسها بل من صدقها وقربها من المُتلقي، وقدرتِها على التَّعبير عن الوجدان الإنساني الفردي والجمعي، والكاتبُ بقدر ما هو ملتصقٌ بذاتهِ عليه أن يكونَ مع حدثِ مجتمعه.
ثم إنَّ المسافةَ بين الخاص والعام ضيئلة جداً.
وتتابع الشاعرة ثناء متحدثة عن دواوينها وأنشطتها الثقافية فتقول :
في عام 2017 صدّر ديواني الأول “اللون الأحمر” وبعام 2019 خرجَ للنُّور ديواني الثَّاني:”صقيع ساخن” وبعام 2022 أشهرتُ ثالث ديوان: “في حضرة الغياب” وحالياً قيد الطباعة منجزي الرَّابع “أحلامٌ نائمة”.
ومن مخطوطاتي التي تنتظر النَّشر -إن سمحت لنا الأيام- مجموعة شعرية موزونة بعنوان: “أمواج العاطفة”
ومجموعة قصصية تضم قصصا قصيرة وقصيرة جداً وومضات قصصية بعنوان : “شرارات مفيدة”
إضافةً لمجموعة من المقالات والخَواطر والدِّراسات الأدبية.
اقتصرت مشاركاتي الشِّعرية ضمن المحافظات السُّورية، ونُشرت معظم نصوصي في مجلات ورقية والكترونية سورية رسمية وعربية .
أُجري معي لقاءات إذاعية وتلفزيونية خلال فترات متباينة سابقة.
أما عن رأيٌ بالشّعر والحركةِ الثّقافية في الوطن العربي وسورية ومدينة سلمية فأقول:لا أستطيع فصل الكتابة الأدبية في الوطن العربي عن الكتابة في سورية، ولا أستطيع أن أُطلق أحكاماً خاصة على تجربة مدينة بعينها، فنحن محكومون بظروف عدّة متشابهة ، وعندما تتشابه المعطيات تتوافق النتائج، دون أن ننكر الاختلاف الجزئي إذا أردنا التفصيل.
الشِّعر يشدنا تلقائياً نحو الواجهة هو شهقةٌ وأمٌّ ..لا يعرفُ الأقنعةَ..هو بحثٌ عن الذَّات في سُموها وتشظيها،
الشُّعر ليسَ جوائز، هو أفكارٌ و معتقداتٌ وإيقاعُ لروح الإنسان،فهل استطاعَ الشِّعر أن يحققَ هذه الغاية ؟!!
طبعاً في عالمنا العربي، وفي مدينتنا مدينة سلمية، نجد جوانبَ مضيئة، نجد إبداعاً حقيقياً، ونجد التَّسطيح والتَّعويم.
الأدبُ عبر العصور السَّالفة
— حسب اعتقادي ومن باب الثِّقة بذائقة الجمهور — حالهُ كحاله اليوم، فيه القيّم وفيه الرَّديء، ولكن البصمات التي وصلتنا منهم هي الأجدى، وسيصلُ للأجيال القادمة من أدبنا ما هو الأجدى والأفضل.
وعن رأيها بالمنتديات الأدبية تحدثت شاعرتنا:
المنتدياتُ ليست ظاهرةً جديدةً، إنَّما عُرفت من القديم بدايةً من سُوق عُكاظ مروراً بصالون مريانا مراش وصولاً لصالون مي زيادة، ولاتزال حتّى وقتنا الحالي بتزايد مستمر، وهي بحالتها الطبيعية ظاهرة إيجابية، فالأدب يحتاج لأوكسجين، ومن المُفترض أن تكونَ هذه المُنتديات أوكسجينها أو بعضاً منه، تُصوّر الواقع الأدبي وتشجّع المواهبَ، وترفع سويةً الكلمة، لكن في الواقع / حالياً هل هي كذلك أم هي جزء من عالم التواصل الإجتماعي “السوشيال ميديا” الذي يُصفقُ لكلِّ من هبَّ و دبَّ، ويُطلق الألقابَ الفضفاضةَ، بعيداً عن العمق الشُّعوري والصّدق مع غيابِ المسؤولية، دُخولاً في باب المجاملات، وربَّما في حَيز الاعتباراتِ الفردية المنفعية.
عُموماً يُصعب التَّقييم، ويصعبُ رفضَ هذا الوجه الثّقافي بج
ماليته أو أحيانا بقبحه، ولكن رأيي أن نُطوّر محاسنَه بجهود مؤسساتية و فردية، وأن نتجاوز مساوئه باستبدالها بالإيجابيات، لمن استطاع إلى ذلك سبيلا .
خِتاماً
الكلامُ عن الشِّعر والأدب بحر، بحرٌ تتعدد منافذَهُ وروافدَهُ،
شكراً جريدة الفداء ..كلُّ الشِّكر لدَاعمي الكلمةِ والفكرِ النَّير.
جينا يحيى