مجلس الشعب يبدأ دورته الـ 11صباغ: ضرورة التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، عرنوس:إدارة الشأن العام تتطلب الكثير من التشاركية الوطنية
بدأ مجلس الشعب اليوم أعمال جلسته الأولى من الدورة العادية الحادية عشرة للدور التشريعي الثالث برئاسة حموده صباغ رئيس المجلس، وبحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس والوزراء، والمخصصة لمناقشة عامة مع الحكومة حول أعمالها وبرامجها وسياستها.
وفي كلمة له بمستهل الجلسة أكد صباغ ضرورة مواصلة التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كل في إطار مهامه واختصاصاته والاستمرار في بذل المزيد من الجهد والعمل في مجلس الشعب والحكومة لبلوغ الأهداف الموضوعة في كل المستويات وعلى الصعد كافة، وتحقيق متطلبات وتطلعات الشعب السوري.
وتوجه صباغ بتحية المحبة والاحترام والتقدير للشعب السوري الأبي وبتحية الإكبار والإجلال لأرواح شهداء الوطن الأبرار، وبتحية الاعتزاز والفخار لرجال الجيش العربي السوري الذين يسطرون يومياً ملاحم التضحية والفداء دفاعاً عن تراب الوطن الغالي وبأصدق معاني العهد والوعد والولاء للسيد الرئيس بشار الأسد.
من جهته قدم المهندس عرنوس عرضاً بين فيه أن الحكومة ومع مطلع العام الجديد وبهدف السير وفق خطط مدروسة ومنهجية قابلة للرصد والتتبع اعتمدت مسارين يتمثل أحدهما بتكليف كل الوزارات بتقديم ورقة عمل حول السياسة العامة للوزارة تتضمن أهم عناوينها وأولوياتها وسبل التكامل مع باقي الوزارات في القطاع نفسه.
وأشار المهندس عرنوس إلى أن المسار الثاني يعد متكاملاً ومترابطاً مع المسار الأول ويتمثل بتحديد كل وزارة قائمة بأهم الأهداف ذات الأولوية التي ستعمل على تحقيقها خلال العام 2024.
وأوضح المهندس عرنوس أنه في ظل الاحتياجات الكبيرة لتمويل مشروعات وبرامج التنمية الوطنية، ومحدودية الموارد المالية للحكومة، تم تبني برنامج اقتصادي ومالي مكثف يستند إلى ترشيد الإنفاق إلى أعلى مستويات الكفاءة، والجدوى المالية والاقتصادية، وإدارة ملف التمويل بشكل عام والتمويل بالعجز على وجه خاص، بكفاءة وعناية، بما يتناسب مع متطلبات الإنفاق العام الضرورية، ويلحظ متطلبات التنمية المستدامة.
وأكد عرنوس أن التركيز على استقطاب رؤوس الأموال الخاصة، وبناء شراكات موثوقة وكفوءة تصب في المصلحة الوطنية العليا، سيكون عبر العمل على مستويين يشمل الأول المعالجات اليومية والسعي لتحسين مستوى معيشة المواطنين وفق الإمكانات، والثاني يخص إعادة هيكلة البنية الاقتصادية والإدارية على المستوى الاستراتيجي، ولا سيما بما يخص إعادة هيكلة برامج الدعم، ودمج بعض الجهات العامة بما يحقق مزيداً من كفاءة الأداء.
وفيما يخص القطاع التعليمي أكد رئيس مجلس الوزراء على تعزيز دوره في تلبية احتياجات سوق العمل من الكوادر الكفوءة وفي البناء الفكري، مع إخضاع السياسة التربوية لمراجعة وتطوير مستمرين، لإنشاء جيل وطني واع يتمتع بالانتماء والمعرفة وقادر على استيعاب لغة العصر، مع الحفاظ على ثقافته وانتمائه الوطني، مشيراً إلى أن سياسة الحكومة في قطاع التعليم العالي تستند بشكل رئيسي إلى تلبية حاجة سوق العمل من الخريجين المناسبين بالكم والنوع.
وحول قطاع الصحة التعليمي تحدث المهندس عرنوس عن إيلاء الحكومة كامل العناية لهذا القطاع بما يحقق هدف رفد القطاع الصحي بمزيد من الخدمات مع تعليم وتخريج كوادر طبية وأكاديمية تضمن ديمومة وتطور العمل.
وأكد أن الحكومة لا تغفل أهمية البحث العلمي في تطوير المجتمع، وفي بناء منهج علمي واضح يساعد المؤسسات الوطنية في قراءة وتشخيص الواقع واجتراح الحلول العلمية والموضوعية للتعامل معه بكفاءة وعقلانية، مشيراً إلى رصد اعتمادات بقيمة 365 مليار ليرة سورية في الموازنة الاستثمارية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي للعام 2024 بنسبة زيادة قدرها 300 بالمئة من اعتمادات العام الماضي.
وأوضح المهندس عرنوس أن السياسة الصحية ترتكز على توفير السلامة العامة والوقاية من الأمراض السارية، وتوفير الخدمات الطبية والصحية للمواطنين، والسعي لتوفير الدواء بالكم والنوع والأسعار المناسبة، لمواجهة التحديات الراهنة.
وفي ملف القضاء وتطبيق القانون تحدث رئيس مجلس الوزراء: إن السياسة العامة للدولة في مجال القضاء ومكافحة الفساد تقوم على إرساء سلطة القانون، وثقافة احترام المال العام، والكسب المشروع، واعتماد كل الضوابط والمعايير التي تحول دون تجاوز القوانين، لافتاً إلى أن المبالغ المكتشفة والمطلوب استردادها من قبل إدارات وفروع الجهاز المركزي للرقابة المالية خلال عام 2023 تقدر بما يزيد على 269 مليار ليرة سورية، فيما بلغت قيمة المبالغ المحصلة من قبل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش خلال العام الماضي 97 مليار ليرة، بينما تبلغ قيمة المبالغ المطلوب تحصيلها ما يزيد على 78 مليار ليرة.
وفيما يخص القطاع الزراعي أوضح المهندس عرنوس أن الحكومة تولي هذا القطاع أهمية بالغة لأن كفاءة عمله تضمن تحقيق الأمن الغذائي وتحقيق مستويات من الاكتفاء الذاتي، وتحصن القرارات الحكومية والوطنية السيادية.
وعرض المهندس عرنوس السياسة الزراعية التي تنطوي في جوهرها على أبعاد اجتماعية واسعة تتعلق باستقرار الريف، والعمل الأسري وتشغيل اليد العاملة وتمكين القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، واتخاذ الإجراءات التشريعية والإدارية والتنظيمية والمالية المناسبة الكفيلة بذلك، بالتعاون مع الشركاء الوطنيين من اتحادي الفلاحين وغرف الزراعة وغيرها.
وفيما يخص القطاع الصناعي ذكر رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تسعى لإعادة هيكلة القطاع الصناعي الحكومي بعد سنوات الحرب على سورية، وتقدير مساحات التحرك التي يجب أن يكون متواجداً فيها بالفعل هذا القطاع، وتلك التي يجب أن يخرج منها، والتي يمكن أن يكون شريكاً فاعلاً فيها، من خلال دمج أو إلغاء إحداث بعض الجهات الصناعية الحكومية، مع التوجه لتعزيز وتمكين جهات عامة صناعية أخرى وفق دراسات الجدوى الاقتصادية المناسبة.
وفي السياق نفسه أكد عرنوس حرص الحكومة على تمكين القطاع الصناعي الخاص الوطني من استثمار كل موارده على النحو الأمثل من خلال توفير حوامل الطاقة، ومنح التسهيلات المالية والجمركية، وتوفير التمويل وتعزيز قدرات المدن والمناطق الصناعية.
وفيما يخص الواقع التمويني أكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تحرص على ضبط أسعار المواد الأساسية ومراقبتها وإبقائها في حدود التكلفة مع هوامش ربح عادلة، رغم وجود عوامل تصعب من هذه المهمة وتتمثل في الندرة وفجوة العرض مقابل الطلب، وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد وقلة الإنتاج المحلي الزراعي والصناعي.
وأكد المهندس عرنوس أن الحكومة تعمل على مكافحة أي ظواهر استغلال غير قانونية تستغل الظروف التي يمر بها بلدنا لتحقيق مكاسب انتهازية، ولن تتوانى عن الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه تجاوز حدود القوانين والأنظمة الحاكمة لعمل قطاع التجارة الداخلية.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تولي اهتماماً بالغاً للسياسة الاستثمارية الوطنية لتشجيع رأس المال الخاص الوطني والخارجي لضخ الاستثمارات في السوق المحلية وخلق قيم مضافة وتشغيل العمالة، وتخفيف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة.
ونوه المهندس عرنوس إلى أن ارتفاع قيمة الصادرات وتراجع المستوردات في العام المنصرم يعزى إلى سياسة الترشيد المتبعة من قبل الحكومة لتركيز عملية الاستيراد وتوجيهها إلى مستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي والحاجات الغذائية والدوائية المهمة للمواطن وتخفيض الطلب على القطع الأجنبي.
ولفت إلى الاهتمام البالغ الذي توليه الحكومة لسياسة إدارة السيولة والموارد المالية في الدولة، وإدارة الادخار الوطني وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية، وتوجيه فوائض السيولة ولا سيما تلك الموجودة في الأجهزة المصرفية نحو القنوات الاستثمارية الأكثر ريعية وإنتاجية من وجهة نظر وطنية.
وضمن هذا التوجه تعتمد الحكومة على عدة برامج حكومية مالية من قبيل برنامج دعم الفائدة للمشاريع ذات الأولوية في القطاعين الزراعي والصناعي، وقطاع الطاقات المتجددة والري الحديث وغيرها، إضافة إلى برنامج إحلال المستوردات وتمويل هذه المشاريع بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد وتخفيف الضغط عن سوق الصرف.
وفيما يخص القطاع السياحي أوضح رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تعول بشكل كبير على هذا القطاع كأحد أهم حوامل اقتصاد الخدمات، من خلال سياسة سياحية تستند إلى التوسع إلى أبعد مدى في استثمار طاقات هذا القطاع بما يمتلكه من مقومات متعددة في السياحة الطبيعية والثقافية والطبية والعلاجية والدينية وغيرها.
وحول تعامل الحكومة مع قطاع النقل عرض المهندس عرنوس مساعي الحكومة لإعادة تأهيل هذا القطاع بالتدريج ووفق الأولويات المناسبة في ضوء التمويل المتوافر له، وفي ضوء الربحية العالية التي يحظى بها الاستثمار فيه سواء الجوي، أو البحري أو السككي أو البري.
وفي قطاع الطاقة بين المهندس حسين عرنوس سياسة الحكومة في إدارة هذا القطاع بهدف تعزيز الإنتاج المحلي وترشيد الاستهلاك وتخصيصه للأولويات الأكثر إنتاجية وجدوى، وتخصيص أكبر قدر ممكن من القطع الأجنبي لتعزيز التوريدات من النفط والمشتقات النفطية وتعزيز الاستثمار العام والخاص في مشروعات الطاقة النفطية والكهربائية، ولا سيما في الطاقات المتجددة ومتابعة مشروعات التعاون الدولي مع الدول الشقيقة والصديقة لتعزيز إمكانات هذا القطاع.
وبالنسبة لملف الموارد المائية أكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تنظر بكل اهتمام وعناية لهذا القطاع وعلى إدارة السياسة المائية بكل كفاءة، لدورها في تمكين القطاع الزراعي وتوفير مياه الشرب للمواطنين من مصادر آمنة وإدارة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية الواسعة، وضمان وجود سياسات واستراتيجيات أمن مائي مستدام وأهميتها في التخطيط
الإقليمي وفي توطين التجمعات السكنية والاقتصادية من صناعية وخدمية وغيرها.
وبين رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة تؤمن بأن إدارة الشأن العام تتطلب الكثير من التشاركية الوطنية بين الجهات المعنية وبين الشركاء الوطنيين كل من موقعه وحسب مهامه واختصاصاته، مشيرا إلى أن العمل الحكومي لا يمكن أن ينهض بمفرده بأعباء إدارة الشأن العام ما لم يكن مدعوماً بجهود مجلس الشعب، والنقابات والاتحادات المهنية التي تشرف على قطاعات اقتصادية واجتماعية وعمالية واسعة تلعب دوراً مهما في رفع كفاءة صنع قرارات إدارة الشأن العام حتى تكون القرارات والإجراءات الحكومية شاملةً ومتوازنةً وتلبي ما يمكن من تطلعات الجهات المعنية فيها كافة.
وحول القطاع الإعلامي والثقافي لفت المهندس عرنوس إلى أن هذا القطاع سيكون حاضراً بقوة في العمل الحكومي لهذا العام كأحد أهم حوامل قطاع التنمية البشرية.