الفداء_ بقلم رئيس التحرير طلال قنطار:
تعيش جبال الساحل السوري أياماً صعبة تحت وطأة حرائق متكررة تلتهم الغابات والأحراج وتزحف نحو القرى والتجمعات السكانية في مشهد مؤلم يكشف حجم التحدي الذي تواجهه فرق الإطفاء والدفاع المدني التي تواصل عملها ليلا ونهاراً رغم وعورة التضاريس وشدة الرياح وارتفاع درجات الحرارة.منذ اندلاع النيران هرعت وحدات الإطفاء من مختلف المحافظات إلى خطوط النار بدعم كامل من وزارة الإدارة المحلية والبيئة ووزير الطوارئ الذي يرافق الفرق ميدانياً ويشرف على التنسيق بين الجهات كافة في الميدان. وبين ألسنة اللهب وخطر الامتداد كانت صورة الجندي المجهول واضحة في وجوه رجال الإطفاء الذين لم يغادروا مواقعهم منذ ساعات الاشتعال الأولىالمشهد لم يخلُ من التضامن الشعبي، إذ بادر الأهالي بتقديم صهاريج المياه والدعم اللوجستي على مدار الساعة مؤكدين أن الدفاع عن الطبيعة والبيئة واجب وطني كما شهدت الجهود تعاوناً عربياً أصيلاً حيث سارعت تركيا والأردن إلى تقديم الدعم والمساندة من خلال فرق متخصصة ومعدات إطفاء في موقف يعكس النبل الإنساني وروح الأخوّة بين الشعوب.وفي مقابل هذه التضحيات لا بد من توجيه كلمة واضحة لمن يتسبب في اندلاع هذه الحرائق عمداً: إنك ترتكب جريمة بحق وطنك، فأنت لا تحرق الأشجار فقط بل تمنع الهواء النظيف عن أبناء شعبك، وتشرد الأهالي من جبال الساحل ذات المناخ العليل وتشوه جمال الطبيعة التي وهبها الله لهذا البلد.
جبالنا تنادي ضمير كل مسؤول ومواطن، وإطفاء النيران لا يكون فقط بالماء بل بالتوعية والمحاسبة ومنع تكرار المأساة.