تميّز الفنان الشعبي أبو سلمة ببحّة صوته ،وأسلوبه المتفرد في الغناء …جمع بين الصوت القوي والنبرة الدافئة المميزة ،انتهج طريقاً تفرّد به عن غيره من الفنانين، اخذ من قريته «الجليمة » في مصياف ونقاء طبيعتها، وجمال موقعها الغافي على تخوم الجبال …نقاء الصوت وقوته، ساعده ذلك على الغناء لمطربين كبار مثل : وديع الصافي ..نصري شمس الدين ،فيروز، إيلي شويري و….
ولد الفنان محمد سلمو محمد في قرية الجليمة، منطقة مصياف عام 1946، واشتهر باسم «ابو سلمو »
بدأ الفنان الراحل الغناء في السبعينيات من القرن الماضي حيث لحّن له الفنان يوسف العلي ،والمعروف باسم( يوسف الصطوف) اجمل الأغاني وأصبحت تتردد على ألسنة الناس، مثل اغنية «لما بحارتنا طلّيت » وأغنية « من الشباك الحلوة عمتوميلي » .
كان الفنان « ابو سلمو » حاضراً وبكثافة في مواسم الافراح والمناسبات الوطنية والقومية فلمع اسمه خلال فترة قصيرة لينتشر فيما بعد على مستوى المحافظة والقطر …
غنّى «ابو سلمو » العتابا والموال، لكنه تميّز بشكل لافت «بالدلعونا » فجاءت معظم اغانيه على وزن الدلعونا مثل « شوفير التكسي يا بو سليماني »حيث أضاف إليها من بحّة صوته رقّة ً وعذوبة …
لم يكتف الراحل بالموهبة فقط إنما عمل على صقل صوته بالتدريب والمتابعة من خلال اتباعه دورة صولفيج «تربية صوت » في دمشق.
غنّى «أبو سلمو »للكثير من شعراء الأغنية الشعبية المعروفين بجمال المفردة وبهاء الصورة مثل الشاعر الغنائي حسين حمزة واغنيته المشهورة «لما بحارتنا طلّيت » صالح مصطفى ،منير السالم، و الراحل حبيب حمود، وخاصة اغنية «يما رماني الهوى » حيث تقول كلماتها: « يما رماني الهوى يما مو بيدايا
مجروح جرح الهوى ويلاه ويلايا
يا عمي خدني معك عالشام وديني
مجروح جرح الهوى جرحي رح يرميني »
وقد ابدع في أدائها مع الفنان عادل خضور وظافر جنيد.
تميزت أغانيه بدفء الكلمة وعذوبة اللحن وملامستها لقضايا الناس والوطن مما جعلها تنتشر بسرعة
تعاون الفنان « أبو سلمو» مع العديد من الملحنين المعروفين وفي مقدمتهم الفنان يوسف العلي، مصطفى الحاج وقدموا التراث الشعبي بجمالية فريدة وعملوا على تطوير الأغنية الشعبية بكافة مكوناتها فاصبحت هوية المنطقة من حيث الكلمة واللحن والأداء ….
وظّف التراث في أغانيه بشكله الصحيح بعيداً عن الإسفاف ، وهذا ما جعل اغانيه تنتشر بسرعة بين الناس…
له رصيد كبير من الأغاني الشعبية والعتابا والمواويل مازالت في ذاكرة الناس ، يرددونها في مواسم الجني والحصاد والأفراح ،واغنية «لما بحارتنا طليت » مسجلة في إذاعة صوت الشعب…
رحل صاحب الدلعونا ….رحل صاحب يما رماني الهوى في الثاني من أيلول عام 2009 تاركاً رصيداً ضخماً من الأغاني والمووايل والعتابات محفوظة في ذاكرة الناس يرددونها في مناسباتهم وأعيادهم بمحبة وفرح ….
يظل الفنان الراحل «ابو سلمو » واحداً من أهم من أعطى للأغنية الشعبية من روحه وعمره ووقته ،لكنه لم ياخذ نصيبه من الاهتمام والأضواء،ظل بعيداً عن الأضواء والإعلام والمقابلات واللقاءات لظروف عديدة .. كان يؤمن بأن تراثنا الشعبي غني ويجب أن نحافظ عليه ونقدّمه للأجيال بأبهى صورة.
*حبيب الإبراهيم