وسائل التواصل الاجتماعي.. سلاح ذو حدين كيف نتعامل معه ؟

 

باتت وسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها ، وخصوصاً الفيسبوك تشكل تحدياً اجتماعياً صعباً، فهي شفافة كالتيار الكهربائي وناعمة كجلد الأفعى، طاقتها ناعمة لكنها شديدة الأثر ، وتحتاج إلى دراسة معمقة، وواعية كي نكون قادرين على التحكم بدفة قيادتها لأنها سلاح ذوحدين.

بعض المتابعين قالوا : إنَّها منصة جيدة للتواصل والتعارف ووو، وإنَّ مايحدث أمر طبيعي وكان يجب أن نتوقع حدوثه في ظل الثورة التكنولوجية التي نعيشها.

هذا العالم الافتراضي فتَن العقول، فسارت بعضها خلفه في أزقة غالباً تقود إلى الهاوية، ومن حاول التصدي أو المقاومة أو التملص فيمكنه اتباع أساليب تناسب ذلك.. شعوب تتحرك من خلف الكواليس، والشاشات بعدما وقعت أسيرة الصورة والصوت.. أفراد تقولبت واستعدت لتكون طيّعة تفعل ما يُطلب منها بعدما غُسلت أدمغتها .

غريب هذا العالم الذي ولجنا إليه رغماً عنّا، وغريبة هي تلك القوانين، بل تلك الأمزجة التي تحركه، ومدهشة تلك العناصر التي تتحكم بمقدراته، وترسم معالمه وبالتالي تحدد لنا طريقة التفكير، وتوجه أساليب استثمار قدراتنا.

رجاء إبراهيم مديرة مركز ثقافي ومهتمة بالشأن الاجتماعي قالت :إنَّ الفيسبوك أصبح الشغل الشاغل للجميع الكبير والصغير ، فكم من أوقات ضاعت سدى ،وكم من واجبات لم تنفذ بسبب الانشغال به، وكم من السهرات والجلسات انفضَّ أصحابها دون أن يتحدثوا حديثاً مفيداً ،يجمعهم المكان ويفرقهم الجوال، أصدقاء افتراضيون يربطهم التعليق والإعجاب.

وعبَّرت إبراهيم عن أسفها لأن معظم المستخدمين يستخدمونه كمنصة لتسويق ذواتهم وإرضاء نرجسيتهم، وقلة قليلة هي التي تعرف كيف تستفيد وتفيد وتقدم مايغني ويغذي الفكر.

ولفتت إبراهيم إلى تضاؤل أعداد المهتمين بالشأن الثقافي عبر الوسائل التقليدية فقد تراجعت أعداد مرتادي المراكز الثقافية، وإعارة الكتب، وحضور الأنشطة الثقافية تحت تأثير سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي التي تتسم بالسرعة، والسهولة والتنوع وقالت إبراهيم: إنَّ مواكبة التطور التكنولوجي تحتاج إلى الكثير من الوعي لتجنب منعكساته السلبية.

وتشير النظرية البنائية الاجتماعية (بيرغر ولوكمان):

إلى “أنَّ الواقع الاجتماعي يتم بناؤه من خلال التفاعل المستمر” وهو ما تؤكده بيئة التواصل الاجتماعي، لقد كُيًّف الجهاز العصبي البشري ليتلاءم جيداً مع عالم أهم ما فيه هو التغيرات الصغيرة، والحادة لا التغييرات الكبيرة والتدريجية ومع تزايد تعقيد الحياة المعاصر، انتهى زمن التركيز المبسط على “المثير” فالأكثرية منشغلون وليسوا فاعلين ، تائهين ضائعين تتقاذفهم اللايكات والتعليقات، والنكزات والوقت يمر ويمر دون أن نعلم إلى أين نحن ذاهبون ،فإلى متى سنبقى كذلك؟ وهل سنتيقظ يوماً من هذا الكابوس الذي نخاله حلماً جميلاً ؟!!!

حسب دراسة نشرتها جامعة الأمم الدولية للحقوق الانسانية، والتنمية المستدامة

فإنَّ ” تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على القيم الاجتماعية يمثل تحدياً كبيراً أمام المجتمع الحديث، ومن هنا تظهر أهمية التكامل بين الأسرة، المدرسة، والمجتمع، في تعزيز القيم الإيجابية وتقليل التأثيرات السلبية للوسائط الرقمية.”

مواكبة التطور التكنولوجي، ودخول عالم الصفحات الزرقاء أمر لابد منه، علينا خوض غماره ، ولكن بوعي وقوننة، ووقت مناسب وأن نتحكم به لا أن يتحكم بنا، ولا نجعله وسيلة للتسلية وتضييع الوقت، ويشغلنا عن أداء واجباتنا.

 

 

المزيد...
آخر الأخبار