حماة – عمار أبو شاهين
تستعد محافظة حماة اليوم السبت، لإطلاق حملة “فداءً لحماة” التي تُعدّ أضخم مبادرةٍ إنسانيةٍ وتنموية منذ سنوات.
الحدث يأتي بعد أكثر من عقدٍ من الحرب التي أرهقت المدينة وأريافها، ليشكل خطوةً أولى نحو مرحلة تعافٍ طال انتظارها.
و تُقام الحملة برعاية المحافظة، وبدعمٍ من المنظمات الإنسانية وغرف التجارة والصناعة والنقابات، وتهدف وفق القائمين عليها، إلى الاستثمار في الإنسان عبر مشاريعَ إسعافيةٍ واستراتيجية تلامس حياة السّكان وتعيد الدّفء إلى البيوت المهجّرة.
تشير الدّراسات المرافقة للحملة إلى واقعٍ صعب يضغط على المحافظة منذ سنوات، حيث توضح الأرقام أن 42% من المرافق العامة تضرّرت كلياً أو جزئياً، وأن الأرياف الشرقية والشمالية فقدت 58% من بنيتها الأساسية، فضلاً عن خروج70% من مدارس الريف عن الخدمة، ما يهدد آلاف الطلاب.
وتعيش نسبةٌ كبيرةٌ من السكان في مناطق تفتقر لمياه نظيفة وصرفٍ صحي، الأمر الذي يضع المحافظة أمام تحدياتٍ صحّيةٍ وبيئية متراكمة.
وضعت الحملةُ خارطة طريقٍ محدّدةٍ بالاحتياجات العاجلة، التي قُدّرت بـ500 مليون دولار، ورغم أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى حاجة المحافظة لما بين 14 و15 مليار دولار للتعافي الكامل، إلا أن الأولويات تركّز على التعليم والبنية التحتية والصحة والمياه والزراعة كخطوةٍ أولى للإغاثة السّريعة.
تشمل الخطّة ترميم مئات المدارس المتضررة، وتأهيل شبكات الطرق والصرف الصحي، ودعم القطاع الصحي بترميم مراكز ومشافٍ رئيسية، إضافةً إلى مشاريع مائية وزراعية تضمن استمرار الحياة في الريف.
ومن المشاريع المعلنة: خط جرِّ مياه حماة الثاني، وتوسعة محطة تصفية القصير، وإعادة تأهيل مشفيي حلفايا وصوران بتكلفةٍ إجماليةٍ تصل إلى 12 مليون دولار.
وتعتمد الحملة آلية واضحةً للحوكمة، تقوم على لجانٍ عليا ولجان عمل مشتركة، إضافةً إلى منصة إلكترونية مخصصة لعرض تفاصيل التبرعات وعمليات التنفيذ.
فيما يؤكد المنظمون أن مبدأ الشّفافية سيكون الركيزة الأساسية لضمان وصول الدعم إلى المستحقين.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع عودة ما يقارب 55 ألف نازحٍ إلى قراهم، وفقاً لبيانات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بينما ينتظر آخرون فرصةً مشابهة للعودة.
اليوم، تفتح حماة صفحةً جديدة بعد سنوات أثقلتها الحرب، لتعلن أن وقت التعافي قد حان.
ومع انطلاق حملة “فداءً لحماة”، تبدو الطريق طويلةً لكنها ممكنةٌ، ما دام هناك من يؤمن بأن المدن يمكن أن تُبعث من جديد، إنها دعوة لإعادة الإنسان قبل الحجر، ولإحياء نبض مدينةٍ ما زالت قادرةً على الوقوف.