الفداء – فيصل المحمد
تشهد متطلبات الزواج ارتفاعاً غير مسبوق جعل تأمين أساسياته تحدياً يفوق قدرة معظم الشباب في ظل الغلاء الكبير، وعدم تجاوب الكثير من الأهالي مع واقع الحال رغم أنه يفرض تقديم التسهيلات ومساندة الراغبين بالزواج.
فالحصول على منزل وتجهيزه بات شبه مستحيل مع الأسعار الجنونية، حيث أصبحت متطلبات الزواج أقرب إلى الخيال، ما دفع كثيرين للعزوف أو التأجيل إلى أجل غير معروف.
وقال أحد الشباب الذي بلغ الخامسة والأربعين للفداء: إنه تخلى عن فكرة الزواج بعد أن رُفض من قبل أهل الفتاة التي أحبها لأنه لا يملك منزلاً، بينما أشار آخر ساخراً إلى أنه يحتاج 100 سنة إضافية ليحقق، ما تطلبه العروس من منزل وأثاث وذهب وحفل زفاف.
وترى الباحثة الاجتماعية رجاء إبراهيم، أن الأمور تسير نحو الأسوأ بسبب المغالاة الكبيرة في طلبات الأهالي، وتحديداً المهور المرتفعة وتمسكهم بتقاليد الزواج التي تفرض على العريس تأمين المنزل والذهب وحفلة الزفاف في صالة أفراح ضمن إطار البرستيج الاجتماعي، ما ينذر بارتفاع نسبة العنوسة.
وتؤكد ضرورة إعادة النظر بمتطلبات أهل العروس، وتيسير الأمور بحدود معقولة ومراعاة ظروف الشباب.
وقال أبو فادي للفداء: إنه لا يقبل بعريس لابنته يسكن بالإيجار خوفاً من عودة ابنته وأطفالها إلى منزله، وهو بالكاد يدبر أموره معتبراً أن أحاديث الزمن القديم عن القناعة والعيش البسيط لم تعد تنفع.
وتوضح الإبراهيم أن التخلي عن بعض تقاليد الأعراس ليس سهلاً على العروس التي تحلم بالفستان الأبيض لكنها تشير إلى أن ارتفاع التكاليف جعل كثيراً من الفتيات يتنازلن عن فستان الزفاف ويستبدلنه بقطعة أثاث لمنزلهن أو حفلة بسيطة.
وقال الشيخ مصطفى قاسم عباس، للفداء: إن الشرع يحض على تخفيف المهر ويجعله دليل بركة النكاح، واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم “أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة “وأضاف أن غلاء المهور دفع الكثير من الشباب للعزوف عن الزواج وأن هناك أفكاراً خاطئة، ما زالت منتشرة حول رفع المهر لإثبات المحبة أو الخوف من الطلاق مؤكداً أن الواقع يكذب ذلك وأن زيادة المهر لا تمنع الطلاق ولا تدل على قوة العلاقة.
تجدر الإشارة الى أن الاستقرار وتأسيس أسرة حاجة ملحة لا يجب أن تتوقف على محبس لامع أو فستان أبيض أو حفل باذخ، فالتحديات المعيشية كبيرة وظروف الحياة قاسية، ما يجعل القناعة والتفاهم بين الشاب والفتاة الأساس، بينما تبقى المظاهر والتفاصيل أموراً ثانوية.