رئيس التحرير : طلال قنطار
تجلّت دمشق مدينة التاريخ والإيمان على موعدٍ مع لحظةٍ استثنائية جمعت بين عبق الماضي ونبض الحاضر، حين زار السيد الرئيس أحمد الشرع الكنيسة المريمية في قلب العاصمة.
زيارة حملت رسائل المحبة والوحدة، وأعادت إلى الذاكرة الصورة الأبهى لسوريا التي جمعت على أرضها المآذن والأجراس في نغمةٍ واحدةٍ من الإيمان والتآلف.
استقبله غبطة البطريرك بكلماتٍ مؤثرةٍ غلبت عليها العاطفة والامتنان مؤكّداً، أن حضور السيد الرئيس بين أبناء الكنيسة هو تجسيد حيّ لوحدة الروح السورية التي جمعت المسلمين والمسيحيين في بيتٍ واحدٍ اسمه الوطن.
وخلال الزيارة، اطّلع السيد الرئيس على العهدة التاريخية التي كتبها، معاوية بن أبي سفيان، بإملاءٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي جسّدت أسمى معاني التسامح الديني والاحترام المتبادل، لتبقى شاهداًخالداً على أن العدل أساس الرسالات، وأن المحبة هي جوهر الإيمان.
ودوّن السيد الرئيس بخط يده الآية الكريمة:
> «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً، وأنهم لا يستكبرون»
مؤكداً أن دمشق كانت أول عيشٍ مشترك عرفته البشرية، وستبقى منارةً للإنسانية تنشر من ترابها عبق اللقاء والوئام.
وكان المشهد في الكنيسة المريمية مشهداً من مشاهد التاريخ حيث تلاقت فيه روح الماضي مع الحاضر عندما قال القسّ للسيد الرئيس: «نحن على العهد»، فأجابه السيد الرئيس قائلاً: «ونحن على عهد أجدادنا».
كلماتٌ حملت صدى التاريخ وصدق الانتماء لتؤكد أن العهد الذي خطّه الأجداد باقٍ في وجدان السوريين، وأن المحبة والوفاء هما جوهر الهوية الوطنية التي لا تزول.
إن زيارة الرئيس إلى المريمية لم تكن مجرد حدثٍ رسمي، بل رسالة محبةٍ ووحدةٍ تنبع من قلب سوريا إلى العالم، تؤكد أن هذا الوطن سيبقى أرض السلام وبيت الجميع، مهما اختلفت العقائد وتنوعت المذاهب، لأن ما يجمع أبناءه أكبر من كل انقسام.