أن تفكر الحكومة بإقامة أسواق شعبية بالمدن ، ليبيع المزارعون منتجاتهم الزراعية فيها للمواطن مباشرةً ، ما يحميهم من استغلال الوسطاء والسماسرة وحيتان أسواق الهال ، وما يوفر الخضروات والفاكهة للمواطنين بأسعار معقولة ، هو أمرٌ نبيلٌ حقاً وجميل ومفيدٌ جداً ، إذا ما كانت مقدماته صحيحة لتحقق نتائج مثلى . وأن تخصص مجالسُ المدن بالمحافظة ساحات لهذا الغرض بأحيائها وبعدة مواقع بجهاتها الأربعة ، أمرٌ حسنٌ ولاغبار عليه بالتأكيد ، شريطةَ أن تُخصَصَّ الأماكنُ فيها لمن يستحقها أولاً من ذوي الشهداء وجرحى الجيش ، والمنتجين الحقيقيين فعلاً ، و شاغلي الأرصفة بالعربات والبسطات ثانياً . وبالطبع ينبغي على الوحدات الإدارية أن تختار تلك الأسواق بمواقع مأهولة وقريبة للناس ، وأن تمدها بالمستلزمات الأساسية من الخدمات العامة ، وأن تؤهلها كأسواق فعلاً ما دامت ليست مؤقتة ولن تنتهي بانتهاء إجراءات الحكومة الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا. وبالتأكيد ينبغي تنظيم الأماكن التي سيركن إليها الباعة ، وحمايتها بمظلات واقية من شمس الصيف ومطر الشتاء ، ونشر حاويات قمامة في زواياها لترحيل مخلفاتها كل يوم وغير ذلك من الضروريات اللازمة لعملها كأسواق لا بسطات. وأما أن تترك كساحات مشاعية فوضوية، فلن يحقق ذلك الغاية المرجوة منها ، ولن يقصدها المنتجون ولا الباعة ولاحتى المواطنين. فمن حيث المبدأ ، يبدو منطقياً أن يكون في كل جهة من جهات المدن سوق شعبي ، بدلاً من سوق واحد يقصده كل أهالي المدن ، كسوق 8 آذار في حماة ، وسوق الخضار في سلمية على سبيل المثال لا الحصر . ولكن من حيثُ الواقع ، لا بدَّ من الاشتغال على تلك الأسواق الشعبية، لتكون مرغوبة من المنتجين والباعة والمواطنين، وهذه مهمة مجالس المدن ولجان أحيائها التي ينبغي لها تسويق الفكرة وعرضها بما يرضي الفئات التي ستستفيد منها ، لا أن تفرضها فرضاً.
محمد أحمد خبازي