القرطاس ُ والقَلم..؟!

 

 

على ضفاف العاصي

أيام زمان كان القلم والورقة سلاحا الكاتب والمعلّم والمدرّس وكتّاب الرسائل، لا يمكن بأي حال من الأحوال  الإستغناء عنهما، أو التقليل من دورهما وأهميتهما، بهما تنداح الأفكار الجميلة والصور البيانية كشلالٍ لا تنقطع ماؤه وتتحوّل الحروف والكلمات إلى قصائد وقصص وروايات…

خلال عقود مضت كنا نتوق لصرير القلم وهو يسافر جيئة ً وذهابا، يعانق الورق، نسافر بلا مراكب أو أشرعة.. نسافر على الورق يحدونا الأمل بالوصول إلى شواطىء المعرفة والجمال…

في زمن مضى كنا نحمل مقالاتنا وقصائدنا مكتوبة بمداد القلوب ونبض الأفئدة ونطير بها ومعها إلى عوالم جميلة بهيّة.. هي جزء منّا وقد أمضينا وقتاً ليس قليلاً في كتابتها وترتيبها، نضيف هنا، نحذف هناك لتجد المادة المكتوبة طريقها إلى النور عبر صفحات الجريدة، وكنا ندرك حجم العمل والجهد الذب بُذل في سبيل ذلك…

مع التقدم التكنولوجي وثورة الاتصالات والتحول إلى المعرفة الرقمية ودخول الحواسب  والمحمول والهواتف الخليوية إلى حياتنا وتغلغلها في كل مفاصل العمل والحياة، هجرنا القلم والقرطاس وأصبحا من المنّسيات، لم يعد للقلم والورق أي وجود في حياتنا إلّا ما ندر فبتنا نكتب على الكمبيوترأو الخليوي، وتحولت حياتنا إلى أرقام تتوالى بشكل روتيني، وأحياناً بشكل إعتباطي مما أفقدنا متعة الكتابة ومعانقة الحروف الورق…

صحيح أنّ التكنولوجيا وفّرت الوقت والجهد من حيث الكتابة والتنضيد والتدقيق والمراسلة والنشر، فأصبح بمقدور المحرر والأديب والشاعر أن يكتب مادته وينسقها ويدققها وهو جالس ٌ في بيته وبكبسة زر تكون أمام رئيس التحرير…

ربما نبرّر لأنفسنا هذه القطيعة مع القلم والورق والكتاب و… بحجة أننا في عصر السرعة والثورة الرقمية وتدفق المعلومات وغيرها من تبريرات؟!

لكنّه الحنين يأخذنا إلى محطات مضيئة، محطات بهية، كان لها حضورها، وقعها، تأثيرها  في النفوس، في الحياة ، ولا زلنا نستذكر تلك المحطات بشغف أحياناً وبحزن أحياناً أخرى، عيوننا ترنو إلى المساحات البيضاء من الورق والتي تشتاق لعناق  القلم  ومراكب لا تملّ السفر أبداً..

حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار