تشير الإحصاءات الرسمية التي تنشرها وزارتا الصحة والإعلام يوميًّا ، إلى تنامٍ مطَّردٍ لتفشي فيروس كورونا، وازدياد بعدد الإصابات المؤكدة والمشتبهة ، وبالوفيات أيضًا .
ورغم أهمية تلك الإحصاءات ومؤشراتها الدلالية على تنامي الفوعة الثالثة لهذا الفيروس ، وفتكه بالناس ، فإن الواقع مختلف عنها جدًا ، كون الإحصاءات تقتصر على الحالات التي ترد لأقسام العزل بالمشافي الوطنية فقط ، وأما التي تعزل نفسها أو تتوفى بالبيوت فتبقى خارج الإحصاءات.
وهذا يعني أن الإصابات أكثر والوفيات أكبر ، ولم تعد مقتصرة على ضعيفي المناعة ، أو المصابين بأمراض مزمنة ، بل أصبح الشباب أقوياء البنية الجسمانية وممارسي الرياضي ، من ضحايا هذا الفيروس.
وباعتقادنا ، السبب الأول لتفشي الفيروس ، وكثرة ضحاياها مؤخرًا ، هو الإهمال لإسباب ووسائل الوقاية ، والاستهتار بالإجراءات الاحترازية مهما تكن بسيطة لكنها تشكل خطًّا دفاعيًّا مهمًّا ضده.
وعدد الإصابات والوفيات بالمحافظة ـ ومنها 3 خلال أيام معدودة بمدينة سلمية فقط ـ يستدعي رفع درجات الحماية الذاتية والعامة إلى المستوى الأعلى ، والتخلي عن الاعتقاد الساذج المتدوال مجتمعيًّا ، أن الفيروس مؤامرة ، أو كذبة عالمية كبرى ، أو غير موجود !.
فالأمر ليس مزحة ، ولا يمكن التعامل معه بهذا النوع من الإهمال والاستهتار ، ويجب ألَّا ينتظر أحدنا الإصابة بالفيروس
ليدرك أنه موجود فعلًا ، وأنه انتقل إليه بالعدوى ، وبسبب الاستهتار والإهمال ، والمبالغة بهما !.
فالوفيات التي نقرأ عنها بمواقع التواصل الاجتماعي كل يوم ، هي دليل آخر على وجود الفيروس وانتشاره وخطره القاتل ، وعلى استهتارنا الرسمي والشعبي بأساليب الوقاية منه.
فقلة قليلة منَّا تستخدم الكمامة ـ على سبيل المثال لاالحصر ـ في الأماكن العامة والسرافيس وعند مراجعة الدوائر وأمام الصرافات ، ولم يعد استخدامها أولوية للسواد الأعظم من الناس !.
ومانقوله عن الكمامة يمكننا قوله بكل ثقة ، عن الإجراءات الوقائية الاحترازية الأخرى ، التي لم نعد نتقيد بها أو نمارسها ، إلّا باستثناءات قليلة.
وللأسف ، في هذه الأيام ، تحذيرات الأطباء الاختصاصيين المكلفين بملف الكورونا ، من خطر هذه الفوعة الثالثة للفيروس ، ومن استفحال الاستهتار بتفشيه ، وزيادة الوفيات ، لا تلقى آذانًا مصغيَّة ، ولا اهتمامًا شعبيًّا ، أو رسميًّا،
وكأنهم ماحذَّروا وما أسمعوا حيًّا !.
لهذا نرى من واجبنا كصحافة ، التحذير ثم التحذير ثم التحذير ، من خطورة هذا الإهمال المتعمَّد ، والاستهتار الفظيع الراهن باتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بالتصدي لهذا الفيروس اللعين !..
احموا أنفسكم منه وقاكم الله شره قبل أن تقع الفأس بالرأس، وعندها لن ينفع ندم.
محمد أحمد خبازي