السادس من أيار ليس مجرد ذكرى ، نتذكر بها شهداءنا الذين ارتقوا نجوم عزٍّ إلى السماء ، منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا ، وإلى أن يرث اللهُ الأرضَ وما عليها !. وإنما هو أمثولةٌ متجذِّرةٌ في وجداننا الجمعي ، نحن السوريين الذين آمنا بالشهادة طريقاً للحياة ، وفداءً للوطن الذي تكالبت عليه كلُّ قوى الشر والطغيان ، لإطفاء شمسه المتوهجة منذ بدء التاريخ عزاً وإباءً ، ورفضاً لكل إسار يحدُّ من حريته ، ولكل قيدٍ يكبِّلُ شعبَهُ، ولكل هيمنةٍ تستنزفُ خيراته ، ولكل اتفاقٍ مهينٍ مع عدو متغطرس، يمرِّغُ جبينه بالتراب، كما مرغت اتفاقات الذل المعروفة غير بلد عربي . قدرنا نحن السوريين منذ بدء الخليقة ، أن نكون توأم الشمس التي تنشرُ سناها وشذاها في رحاب الكون ، ولا يمكن إخفاؤها بغربال ، أو تقييدها بطوق أو أصفاد ، ولايمكن إطفاؤها بليلٍ مهما يكن أسودَ فاحماً ، أو داجياً. وقدرنا ألاَّ نستكين لظالمٍ أو نسكتَ على باغٍ ، أو نرتهن لمشيئة عدوٍّ طاغٍ ، وقدرُ أرضنا العزيزة الحرة ألاَّ يستقرَّ بها استعمارٌ أو يهنأَ بالمُقام فيها دخيلٌ. وقدرنا أن نظلَّ يقظين يقظةَ النسور في زمن الخفافيش ، وأن نتناسى جراحنا ونحمل هموم الأُمَّةِ وندفعُ عنها كل أذى كيلا تصير أَمَةً !!. وقدرنا أن نُطعنَ من الظهر والصدر ونظلَّ واقفين كالراسيات الشامخات ، مهما كان ثمنُ الشموخ غالياً ، ومهما كانت قيمةُ العز مكلفةً !. فقد ارتضينا أن نكون جمر اللظى الذي يحرقُ كلَّ من يتربَّصُ بأمتنا شراً ، والسيفَ الذي يبترُ كلَّ يدٍ تحاول الدنو من عزِّنا ، والشمسَ التي تضيءُ الكونَ وتبدد كلَّ ليلٍ. وكلُّ ذلك بفضل شهدائنا ، نجومُ الأرضِ وذهبُ السماء وصانعو انتصارنا.
محمد أحمد خبازي