عندما يبلغ الغلاء الفاحش حدَّهُ الأعظمي ، ويعصف بحياة الناس من كل الاتجاهات ، نتيجة تحكم حفنة أو ثُلّة من التجار الفاسدين – سمِّهم ما شئت – والمتواطئين معهم من المرتزقة والمتكسبين من الساكتين عليهم بدلاً من محاسبتهم ، يجب على الجهات المعنية بحماية المواطن اتخاذ إجراءات استثنائية، والتشدد بتطبيق القانون بحق المحتكرين ومرتكبي المخالفات والغشاشين وناهبي مقدرات البلاد والعباد ، بما يوازي الجرم والمخالفة وحجم الضرر الذي تسببه تلك الارتكابات للناس. أو ينبغي لها تعديل القوانين ، لتصبح رادعة نصاً و تطبيقاً لأي محتكر للمواد الغذائية الضرورية لحياة الناس اليومية، أو متلاعب بأسعارها، أو لغاشٍّ بمواصفاتها. وهذا بالضبط ماوجّه به السيد الرئيس بشار الأسد ، خلال لقائه الفريق الحكومي مؤخراً. ولعل هذا ما بدأنا نلمحه في الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك خلال الأيام القليلة الماضية ، التي طالت بها مستودعات كبار التجار ، كانت بمنأى عن الرقابة ، وعن الشمع الأحمر ، ومجرد التفكير بالاقتراب منها كان مصدر خطر على المقترب !. وإن كانت هذه البداية الجديدة لوزارة التجارة الداخلية، مبشِّرة بالتفاؤل والخير ، فينبغي ألاَّ تكون / هوشة عرب / أو هبّة من هبَّات تغيير الوزراء ، بل يجب أن تكون نهجاً دائماً ومستمراً للوزارة ، وسياسة يومية لمديرياتها بالمحافظات ، لتستعيد هيبتها التي انتكتها مافيات المال ، وتفرض سيادة القانون الذي تطاول عليه كلُّ آفَّاق ومرتزق وصانع أزمة ، وليشعر المواطن أن ثمَّة من يحميه من حيتان المال حمايةً حقيقيةً وقولاً وفعلاً . وباعتقادنا ، يمكن للوزارة أداء هذه المهام بجرأة واقتدار ، وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن ، فهي مدعومة بتوجيهات أعلى سلطة بالبلد ، وبمباركة ومساندة كل المواطنين المقهورين معيشياً ، الذين يطحنهم الغلاء الفاحش ومسببوه كل يوم وعلى مدار الساعة. نأمل – كصحافة تتحسس نبض الناس – أن تشهد الأيام القادمة تحولاً نوعياً بعمل الوزارة على الأرض وفي الأسواق ، وبمستودعات التجار الكبار الذين يخالون أنفسهم فوق القانون ، وبمنأى عن يد الدولة. لقد أينعت تلك الرؤوس الفاسدة وآن قطافها !.
محمد أحمد خبازي