عباس حيروقة
بداية لابد من التنويه إلى أنني أكتب مادتي هذه وتحت هذا العنوان الشاعر _الطافح إنسانية وأدباً وكرماً واحتفاءً وأصالةً _ الأستاذ منذر لطفي و هو اليوم ممدد ومنذ مايقارب الأسبوع على سريره الأبيض في المركز الطبي في حماة إثر إصابته بنزيف دماغي حاد
عند زيارتنا له كهيئة المكتب الفرعي لاتحاد الكتاب العرب في حماة برفقة زميليّ ( مصطفى صمودي _ رضوان السح ) واستقبال زوجته الشاعرة مروة حلاوة لنا تأملت وبكثير من الحزن والألم أستاذنا الشاعر وهو بكامل ألقه ولطافة قسمات وجهه ..لفتني حينها زوجته الشاعرة التي اقتربت منه ..من أذنه ويدها تمسح على وجهه ورأسه بحنو أم على رأس طفلها .. ويدها الثانية تقبض بكثير من السلام والسلامة على يده ..
نعم همست حينها له وبكثير من الحنان : ( منذر ليك أصدقاءك من الاتحاد جايين يسلموا عليك (
الله الله ما أضعفنا وما أوهننا حينها لم يفتح عينيه ولم ينبس ببنت شفة ولكن شدّ على يدها إشعاراً منه بسماعها ووعى ما قالته
الله الله ..الأستاذ منذ صاحب التجربة الشعرية المهيبة الباذخة ..رئيس فرع حماة لاتحاد الكتاب العرب ولدورات عديدة ..صاحب الفضل الكبير الكبير باكتشاف العديد من الأسماء الشعرية الشابة ورعايتها من خلال المسابقات الأدبية لفرع حماة ومن ثم إقامة مهرجانات شعرية للأدباء الشباب الفائزين ..وأنا وبكل تواضع من تلك الأسماء إذ اشعر بالفخر أنني كنت ابناً لتلك المرحلة التي دفعتني وأبناء جيلي وبكثير من الإصرار والإيمان بطاقاتنا وقدراتنا على تطوير تجربتنا هذا ما دفعنا لمتابعة المسير في درب حفرناه بأنامل تتوق للدهشة ..للضوء وللنور
لن أتحدث عن منجز منذر لطفي الشعري واعدد عناوين مجاميعه الشعرية أو ما قد قيل فيه وعنه ولكن من الممكن أن أتحدث عن الإنسان الكبير الكبير الذي في داخله عن إنسانيته فهو المتابع لشؤون زملائه وهو المحب المحب لهم و أخال أن لم يمر فرع حماة لاتحاد الكتاب العرب بحيوية كتلك التي كانت أيام توليه مهامه …
تأملته بكثير من الحب والحزن عائدا بذاكرتي إلى تلك الأيام أيام الجوائز والمهرجانات .. أيام وجودي في حلب وذلك في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي وكنت مشرفا على مهرجان (الواحة) الشعري ولأكثر من سنة كنا نقيم فعاليتنا آنذاك بالتعاون مع مديرية الثقافة في حلب واتحاد الكتاب العرب وكان لي شرف استضافة العشرات من أدباء وشعراء سورية الكبار من بينهم شاعرنا الأديب منذر لطفي وزوجته الشاعرة مروة حلاوة وقد شكلا حضورا بهياً في نفوس جمهور الشعر آنذاك
عدت بذاكرتي إلى تلك الاتصالات الصباحية الندية ..إلى تلك البطاقات بطاقات التهنئة بأعياد وأعياد والمكتوبة بخطه الجميل
.. منذر لطفي الاسم الذي شغل حيزا كبيرا في مشهدنا الشعري السوري فكان الصوت الخاص به ..كتب للكبار فأبدع وللأطفال فأدهش ..
عدت إلى تلك الجلسات التي عقدناها مؤخرا في منزله جلسات وحوارات طافحة عفوية وجمالاً عكست وعيه للمشهد الثقافي السوري عامة والحموي خاصة ..
منذر لطفي الممدد اليوم على سريره الأبيض هو ذاكرة شعرية بامتياز حدثني غير مرة عن علاقاته مع أسماء شعرية شكلت علامة فارقة في المشهد الشعري العربي مثل ( بدوي الجبل _ حامد حسن _ محمد الفراتي _ نديم محمد _ مدحت عكاش …الخ وتمنيت على غير جهة إعلامية تسليط الضوء على تلك الذاكرة المهيبة وتوثيقها لأجيالنا القادمة..
السلامة ..السلامة لك صديقنا النبيل الأصيل . الإنسان المحب والعذب والمنتمي لكل ما هو جميل وخير ..الشاعر منذر لطفي على أمل ان نراك بيننا وأنت بكامل ضحكتك وقصائدك ..وترحيبك بنا في بيتك ..في فرع حماة لاتحاد الكتاب العرب لتتابع حدثك عن تلك الأيام ..سلام الشعر عليك على نقاء قلبك وبياض روحك ..