رغم أننا ضد التدخين لآثاره السلبية الكثيرة على صحة المدخن ومَن حوله ، ورغم أننا من دعاة ومناصري الإقلاع عنه ، وتوفير النقود التي تنفق عليه ، وصرفها بمجال آخر أكثر نفعًا ، إلَّا أن ذلك لايمنعنا من القول ــ وتضامنًا مع الأحباء المدخنين الذين كنا منهم ذات يوم ــ إن الدخان الوطني أمسى شبه مفقود اليوم من أسواقنا المحلية ، فكما يبدو الأسعار التي حددتها وزارة التجارة الداخلية لكل نوع من أنواعه لم ترق لمحتكريه ، فأخفوه ليحدثوا أزمة تجعل مدمنيه يخضعون لأسعارهم بعيدًا عن أعين وأذرع الرقابة التموينية !.
فالمدمن على أي شيء ـ كما هو معروف بالعلم ـ لايهمه السعر بل توافر ما أدمنه ، وهذه القاعدة تنطبق على المدخنين الذين لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين ، وليس بمقدورهم التخلص من أفخاخ محتكري الدخان الوطني وغيره !.
وباعتقادنا الإجراءات التي اتخذتها وزارة التجارة الداخلية ، من تحديد سعر الدخان الوطني ، وضرب مستودعات ومحال بعض التجار ، ينبغي أن يضاف إليها بيع الدخان في صالاتها كأي مادة أخرى ، شريطة توفيرها بشكل دائم ، وألَّا يخلق ذلك ازدحامًا وفوضى ، وامتهانًا لكرامة المدخن.
إذ لايكفي أن تحدد سعرًا ، وتصادر دخانًا ، وتخالف محتكرًا ، وتعاقب بائعًا ، لتختفي المادة من السوق ، بل الأهم من كل ذلك توفيرها بسعر معقول ، فالغاية الأساسية من كل هذه الإجراءات ، هي منع الاحتكار والتلاعب بالأسعار ، وليس ” هوشة عرب ” مؤقتة تزول بضرب كم محل ومخالفة كم مخالف !.
بل يمكن للوزارة أن تحدد معتمدين لبيع الدخان بأسعارها ، كمعتمدي بيع الخبز في الأحياء والحارات، أو يمكنها الإفادة من هؤلاء ، إن كانت جادة فعلًا بالقضاء على الفساد في هذا الملف الكبير .
محمد أحمد خبازي