لم تردع العقوبات الشديدة في قانون حماية المستهلك الجديد ، الذي صدر بالمرسوم التشريعي رقم 8 للعام 2021 ، الغشاشين عن الغش ، ولم تضع حدًّا لمخالفاتهم الجسيمة التي تؤذي الناس إذا ما اشتروا تلك المواد الغذائية المغشوشة وتناولوها وأسرهم .
فارتكاب المخالفات الجسيمة لمَّا يزل مستمرًا ، والغشاشون يستمرؤون غشهم ، وكل ما يعنيهم جني المال بأي طريقة كانت ، ولا مانع عندهم من أذى الناس طالما ذلك يحقق لهم مصالحهم المالية ، ويروي نهمهم للمال الحرام !.
وإلَّا، ماذا يعني أن يصبغ صاحب مشغل حلويات الفول السوداني ، بملونات صناعية ليبدو كالفستق الحلبي ، وماذا يعني أن يزوِّرَ معملٌ بيانات مواده منتهية الصلاحية ويطرحها بالأسواق ، وماذا يعني وجود ديدان حية وشرانق صراصير في الدقيق المستخدم بصناعة المعجنات ؟.
أسئلة كثيرة يمكن طرحها في هذا السياق ، عن الغش بمواد غذائية ضبطتها دوريات حماية المستهلك بحماة في محال ومنشآت صناعية وحرفية ، واتخذت بحق مرتكبيها الإجراءات القانونية التي نص عليها المرسوم سابق الذكر .
وهو ما يؤكد أن الغش في تنامٍ مطَّرد ، وأن الغشاشين لايكترثون بقانون ، ولا يراعون حرمة أذى النفس ، ولا يمنعهم عن غشهم ضمير أو أخلاق أو دين !.
لذلك نرى أن فرض أشد العقوبات ــ وعدم تسويتها إن كانت تسوَّى ــ بحق مرتكبي المخالفات الجسيمة ، وإغلاق محالهم إغلاقًا نهائيًّا، قد يشكل رادعًا لمخالفاتهم ، ولربما يحد من أذاهم للناس.
وبالطبع ينبغي للمستهلك المتضرر الوحيد من الغش ، ألَّا يسكت على أي محاولة غش يتعرض لها، فالسكوت هنا تستر على مجرم ، وتغاضي عن مرتكب مخالفة فيها خطر كبير على صحة المستهلك ذاته ، وعلى سلامة المجتمع.
لهذا من الضروري أن يقدِّمَ المواطن شكوى رسمية لمديرية التجارة الداخلية أو شُعَبِها بالمناطق ، وأن يكون عونًا لحماية المستهلك ، حتى لو كان له على عملها أو بعض مراقبيها ألف ملاحظة وملاحظة.
فليضعها أمام مسؤلياتها ، وإذا لم تستجب ، عندها لكل حادث حديث.
فالتصدي للغشاشين مسؤولية جماعية، كلنا شركاء فيه، أعني مؤسسات رقابية وإعلام ومواطنين.
محمد أحمد خبازي