بعد ماجعلتنا سياسات الحكومة الاقتصادية مجالًا للتندر على مستوى العالم ، صرنا “ملطشة للي يسوا وللي مايسواش” على قولة أشقائنا المصريين الظرفاء .
وبالطبع ، تنطبق تلك النوادر علينا أيما انطباق ، إذ دأبت الحكومة مؤخراً على رفع أسعار كل موادها المدعومة وغير المدعومة ، من خبز و سكر ورز وغاز ومازوت وبنزين ، وكهرباء ، وأجور النقل والاتصالات والأدوية على سبيل المثال لا الحصر ، وأبقت رواتب الموظفين دون أي معدل يمكن تقييمه بالمعايير العالمية ، لتبدو تلك الأسعار والأجور بالفعل وكأنها مخصصة للقاطنين بدبي التي هي اليوم مركز التجارة العالمي والمصنفة من أغلى المدن في العالم ، ولتظل رواتب الموظفين والمتقاعدين أنموذجًا للفقر والهشاشة والإنهاك الشديد ، والهزال العضلي والنفسي !.
لقد اتسعت الفجوة السحيقة بين الأسعار والرواتب ، ولم تعد أي زيادة مرتقبة أو محتملة ، قادرة على جسرها ، إلَّا إذا كانت أضعاف ـ وليس ضعفًا واحدًا أو اثنين ـ الرواتب الحالية وهذا مستبعد كما تبشرنا بعض التصريحات الرسمية !.
ولم يعد الحد من التضخم المتسارع ، وإيقاف تآكل القدرة الشرائية للمواطنين بالأمر السهل ، إلَّا بمعجزة !.
وبالتأكيد ليست تلك المعجزة استثناء بعض الشرائح المجتمعية من الدعم الحكومي ، أو برفع أسعار حوامل الطاقة والمواد المقننة ، أو بفرض ضرائب ورسوم جديدة على القطاعات المنتجة بالبلد ، التي تنعكس على حياة الناس غلاءً وضيقًا وضنكًا.
وإنما ـ كما نرى ـ بدعم الزراعة والصناعة والسياحة والتجارة ، والمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر المولدة للدخل ، دعمًا حقيقيًّا ، بتوفير مستلزمات عملها وإنتاجها ، وتسهيل إجراءات تأسيسها وانطلاقها ، وتحويل البلد كله لورشة عمل وإنتاج كبرى.
فنحن بحاجة لسياسة اقتصادية واحدة تنهض بالبلد وبموارده البشرية ، وتشجع شبابنا على البقاء والعمل فيه ، لا على الهجرة !.
نحن بحاجة إلى خطة عمل إنقاذية بالاعتماد على الذات وتجفيف منابع الفساد وكبح جماح الفاسدين .
محمد أحمد خبازي