بين النكبة الفلسطينية عام 1948 ونكسة عدوان 5 حزيران عام 1967 سنوات لم تبلغ العشرين,وهي قصيرة في عمر الزمن،ولكنها على قصرها شاهد ثبت،ودليل دامغ على أهداف الكيان الصهيوني التوسعية التي يعمد إلى تنفيذها،وفق ما رسمه وخطط له المخططون من الصهاينة عبر أسلوب واحد يتبعه هو الإرهاب القائم على جبروت القوة،والطغيان،والهمجية. فمنذ أعلن هذا الكيان ما يسمى ب(دولة إسرائيل) في الخامس عشر من أيار عام 1948،كانت النكبة التي حلت بالشعب العربي الفلسطيني الذي هجر من أرضه ،وشرد هنا وهناك في أرض الشتات.. وكان السبب الحقيقي لتلك المأساة الحقيقية الكبرى ،الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا التي اختلقت هذا الكيان في المشرق العربي،فإذا به غدة سرطانية في الجسم العربي تبعث فيه الألم المبرح على الدوام. وما إن أعلن هذا الكيان عن دولته بخروج بريطانيا من فلسطين المحتلة،حتى تلقفته الولايات المتحدة لتقدم له الدعم والمساندة والتسليح ،لتجعل منه الدولة الأكثر قوة في المنطقة العربية،وتشجعه على تنفيذ سياسته التوسعية في الأرض العربية،فكان عدوان الخامس من حزيران عام 1967 الذي شنته على سورية،والأردن،ومصر بدعم أقوى دولة في العالم…هذا العدوان الذي لقننا درسا لا ينسى مفاده أن هذا الكيان زرع في فلسطين ولن يقتصر عليها،بل هو يرنو إلى التوسع المستمر،وأن لاشيء يمكن أن يرده عن غيه، ويكبح جماح غطرسته وشهوته العارمة للتوسع والسيطرة والهيمنة سوى ردعه بالقوة والمجابهة . وقد عرف شعبنا الأبي بشجاعته الفائقة التي لا نظير لها،ورفضه للظلم والعدوان على مر العصور …ولا أزال أذكر حين وقع عدوان حزيران -وكنت طفلا – كيف ذهبت أمي بنا إلى دار الجيران ظنا منها أنها أقدر على حمايتنا من القصف ،لأنها مبنية من الحجارة،في حين كانت دارنا من الإسمنت …وتجمعت عوائل كثيرة في تلك الدار التي لم يكن فيها سوى النسوة والأطفال..لأن الرجال خرجوا إلى الشوارع استعدادا لقتال العدو… ولا أزال اذكر أن أمي جمعت الأولاد في أقصى الدار وجلست خلف الباب الحديدي،وطلبت من ربة المنزل أن تعطيها يد (الهون) النحاسية الثقيلة المعروفة، فسألتها عن السبب فقالت:لأقتل بها أي صهيوني يحاول أن يقتحم علينا الدار. إن أمي البسيطة هي مثال لكل إمرأة مقاومة في شعبنا الأبي ،والرجال الذين خرجوا ليقاوموا المحتل ،هم مثال لكل الأبطال الشجعان الذين لا يقصرون في بذل أرواحهم ودمائهم في سبيل الوطن والعرض،وهذا درس عن شعبنا العظيم الذي جبل على التضحية والفداء ..واعتداء العدو الصهيوني المستمر على سورية بقصف هذا المكان أو ذاك بين الحين والآخر،دليل على سياسة الغطرسة والإرهاب التي يتبعها هذا الكيان..ولكن إذا كان للباطل جولة،فإن للحق جولات وجولات كما في قول الشاعر: شعبنا يوم الفداء. فعله يسبق قوله لا تقل ضاع الرجاء. إن للباطل جوله
د.موفق السراج