ضجّت مؤخرا صفحات التواصل الاجتماعي بتصنيف الدول وفق جودة التعليم نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ،بغض النظر عن المعايير المتخذة للتقييم إلا أنه مايشعر بالاسف والحزن أننا خارج هذا التصنيف واحتلت دول عربية مراتب متقدمة على مستوى العالم كنا ومازلنا نصدر لها اكفأ المعلمين ، والسؤال الذي يدور في الذهن لماذا ؟ هل السبب هو تراجع كفاءة المعلم لدينا ؟بالتأكيد الجواب لا ،فنحن نمتلك افضل المعلمين على مستوى العالم ،ولدينا كوادر بشرية تعليمية وتربوية ذات كفاءة عالية ،ولكن السبب الرئيس فيما وصلنا إليه من تراجع هو غياب الرؤى والخطط الاستراتيجية الحقيقية ،وللاسف يغلب الطابع الشخصي والفردي في رسم خطوط التعليم لدينا ومساراته ،وبغض النظر عن ظروف الحرب التي أثرت كثيرا على بنية التعليم لدينا ،ولكن دعونا نناقش هذه الحقيقة التي وصلنا إليها
بكل شفافية وصراحة حتى لوكانت هذه الصراحة مرة،أسئلة تحتاج الإجابة عنها إلى الكثير من البحث والتحليل والوضوح بعيدا عن الشعارات الطنانة والرنانة،وعن الاختباء وراء أصابعنا وتجميل الواقع بمساحيق التجميل،فالشمس لاتحجب بغربال….
نحن بكل أسفذ نبتعد تدريجيا عن المقومات الاساسية للتعليم، انطلاقا من المعلم الذي هو عماد العملية التعليمية،وأساس كل نجاح في مختلف مناحي الحياة،لأنه يبني النشء على القيم والأخلاق،لقد انشغلنا ببناء المدارس ونسينا بناء المدرس ,وانا لا أقصد الإساءة للمعلم أبدا،فالمعلم اليوم يعاني الكثير من الضغوط المادية والنفسية ،لذلك تراه يذهب باتجاه الدروس الخصوصية لتحسين دخله، أين هيبة المعلم واحترامه التي اعتدنا عليها حتى خارج المدرسة؟ نعم أيها السادة هذه هي الحقيقة وماخفي أعظم ،لا أريد أن أبرئ بعض المعلمين الذين يسيئون لشرف المهنة وقداستها،ويقصرون في أداء واجباتهم ، فمنهم من أصبح متاجرا بالدروس الخصوصية ،وآخرون يتسابقون إلى مهام إدارية وهم في بداية مشوارهم التعليمي بالواسطة طبعا،إضافة إلى الخلل في خارطة توزيع المعلمين حسب الحاجة فهنا زيادة وهناك نقص وهذا ليس ذنب المعلم طبعا لان من حقه الحصول على عمل أقرب إلى مكان إقامته وبهذا الخصوص نحتاج إلى شرح كثير ، والعنصر الاهم في حديثنا هو المناهج الضخمة التي يتم تغييرها كل فترة،حسب مايرغب أصحاب السعادة والقرار , والبلد الذي يرغبون بتطبيق تجربته ومناهجه،بدون مراعاة مايناسبنا ويناسب واقعنا والامكانيات المتاحة لدينا، فالأجيال أمانة في أعناقنا ومستقبلها لايحتمل التجارب والأخطاء،فنجاح المناهج في بلد ما مثلا لايعني بالضرورة نجاحها عندنا،لاختلاف البنية التحتية على الأقل ،فنحن نريد تفصيل مناهج على مقاسنا وليس على مقاس الآخرين،اضف إلى ذلك تغيير المناهج كل فترة اي كلما تغير الوزير او المدير بغض النظر عن تكاليف التغيير المادية ، والحديث يطول،وله الكثير من الشجون ولايمكن الإحاطة بجميع جوانبه في مقال ،ولكن هذا لايعني أن التعليم لدينا سيء ،بل على العكس نحن نفخر بمعلمينا وطلابنا ولكننا نبحث عن الأفضل دائما .
علينا دعم المعلم والعمل على تهيئته وتأهيله فكريا وماديا واجتماعيا وثقافيا،لأنه رسول العلم والمعرفة وبناء الإنسان،ووضع خطط ورؤى واضحة وثابتة لاتتغير بتغير الأشخاص.
فيصل يونس المحمد