مقترحات .. ودراسات.. ونظريات .. وآراء ، ومن ثم قرارات أو مشاريع قرارات ، لإلغاء الدعم الحكومي جزئيًا عن بعض المواد المقننة ، وتوفيرها بسعر التكلفة ـ كما تحب الحكومة أن تسمي ذلك ـ للقادرين ماديًّا ، واستثناء شرائح مجتمعية من الدعم ، بهدف إيصاله لمستحقيه من الفئات ذات المداخيل المحدودة والقدرات المادية الضعيفة.
كل ذلك على الرأس والعين ، ونحن كصحافة مع أي دراسة أو مقترح أو قرار ، يحقق العدالة المجتمعية للناس ، وينتشل الفقراء من فقرهم ، ويوفر للعاملين بالدولة والمتقاعدين الحد الأدنى من أسباب الحياة الكريمة.
ولكننا نعتقد أن استثناء شرائح مجتمعية من الدعم الحكومي لن يحل مشكلة الفقراء ، بل سيزيدها تعقيدًا ، وسيزيدهم فقرًا ، إذ سيعمد المستثنون من الدعم إلى تعويض ما استثنوا منه فورًا ، بل ومن قبل صدور قرار رسمي به !.
وبالطبع لن يمكنهم ذلك إلَّا من المواطن ، الذي هو المصدر الوحيد للتعويض.
فالتاجر رفع أسعار مواده الضرورية للمواطن الذي لايستطيع الاستغناء عنها ، عندما رفعت الحكومة أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية.
وشركات النقل رفعت أجورها عندما رفعت الحكومة سعر المازوت والبنزين
وكذلك سيفعل الصناعي والحرفي والمحامي والطبيب والصيدلاني ، وصاحب المطعم والكافتريا والمقهى ، والمكتب العقاري و، و، و، و كل من سيستثنى من الدعم ، وهو ما سيجعل المواطن هدف سهلًا لكل أولئك الذين سيتهافتون لاستنزافه بكل مايملكون من وسائل وأساليب.
فالحكومة ستلغي الدعم عنهم من هنا ، وهم سيحصلونه من المواطن من هناك ، وأما المواطن المسكين فسيقع بين حجري الرحى أي الحكومة والمستثنى من الدعم !.
ولعل الحل الأفضل للجميع والأنسب للحكومة ، هو إلغاء الدعم الحكومي لكل المواد وتحرير أسعارها ، وتخصيص دعم مادي مجز للمواطنين ، بحسب “الداتا” المحفوظة لديها عن كل أسرة ، بسجلات البطاقات الالكترونية.
فآخر دراسة اقتصادية رسمية ، صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء ، بيّنت أن تكاليف المعيشة تضاعفت بنسبة 192% خلال عام 2020 ، وقفزت من 380 ألف إلى 732 ألف ليرة ،
هذا أولًا ، وأما ثانيًا فالحكومة تعرف عدد العاملين بجهاتها العامة ، وعدد المتقاعدين ، وكم هي رواتبهم وأجورهم الشهرية ، وعلى ضوء ذلك يمكنها تحديد قيمة الدعم وحجمه لكل أسرة ، وتوزيعه بموجب البطاقة الالكترونية لعموم المواطنين.
وبذلك تدعم المواطن والفئات الأشد فقرًا دعمًا حقيقيًّا ، وتحميهم من المتربصين بهم والمستغلين لهم ، وتحقق العدالة الاجتماعية بين كل الفئات المجتمعية.
محمد أحمد خبازي