ينبغي أن تعلم وزارة الصحة ، أن المواطن إذا أصيب بمرض طارئ في هذه الأيام ، يتمنى أمرين لا ثالث لهما.
أولهما أن يشفى بسرعة قصوى ، ومن دون أن يتناول عقاقير طبية.
وثانيهما ، أو أن يأخذ الله أمانته بسرعة قصوى أيضًا ، إذا ابتلي بمرض مزمن أو مستعصٍ ، كيلا يكلف ذويه ثمن أدوية !.
فتأمين الدواء اليوم بات همًّا كبيرًا ، يجثم على صدر أي مريض ، وعبئًا ثقيلًا لا تستطيع أي أسرة احتماله.
فمعظم الأدوية تباع اليوم بأسعار حرة ، بل إن 95 منها لاتخضع لتسعيرة وزارة الصحة ، ويبيعها الصيادلة وفق أسعار سعر صرف الأخضر الطيار بالسوق السوداء.
وحجتهم في ذلك أن معامل وشركات تصنيع الأدوية تفرض عليهم شراءها بالأسعار التي تحددها لهم ، ومن دون أي نقاش ، ” فإذا عجبك خذ وإذا لم يعجبك لا تأخذ ” إضافة إلى تحميلهم على طلبيات الأدوية المطلوبة بكثرة ، أخرى كاسدة وبينها وبين انتهاء الصلاحية أيام معدودة !.
وبالطبع نحن هنا لاندافع عن الصيادلة ، ولكن للإنصاف نقول : إن العديد منهم يقبلون بهوامش الربح المحددة من وزارة الصحة وقدرها 20 بالمئة ، وبعضهم يركب الموجة ولايقبل ربحًا أقل من 60 أو 100 بالمئة في كل علبة دواء !.
ولم يعد التباين بأسعار الأدوية ذاتها في عدة صيدليات ، أمرًا غريبًا أو نادرًا ، بل هو مألوف جدًا، وعاديٌّ جدًا ، ولم يعد يثير الاستغراب أو الاستياء ، فقد اعتاد المواطن عليه ، مثلما اعتاد الغلاء الفاحش وتباين الأسعار بين محل وآخر بأسواق الخضار والفاكهة ، وبين البسطات على قارعة الطرقات والأرصفة ، التي تبيع المعلبات ومستحضرات التجميل والشامبوات مجهولة البيانات !.
وباعتقادنا ، ترك وزارة الصحة هذا الواقع المؤلم كما هو ، وحبل شركات الأدوية على مغاربها ، من دون أي تدخل لإنقاذ المرضى ، هو أشد إيلامًا من مطالبة المعامل والشركات برفع أسعار الأدوية ـ كل الأدوية ـ 70 بالمئة ، وبنبرة فيها الكثير من الوعيد والتهديد بالتوقف عن التصنيع وانقطاع الأدوية.
إن الفوضى العارمة بأسعار الأدوية اليوم ، بحاجة إلى معالجة حاسمة وحازمة ، بمبضع جراح ماهر ، لا بالمهدئات والمسكنات التي لاتنفع ولاتضر.
فيكفي المريض آلام مرضه ، ويكفيه مايعاني ويقاسي ، فلاتزيدوها عليه.
محمد أحمد خبازي