تابوتنا مصياف والقبر وراقة ممدوح عدوان في ذكرى رحيله

 

عباس حيروقة
الأهل في مصياف والروح تواقة
ياليتني صفصاف أو زهر دراقة
لأبل حلقي الجاف في نبع وراقة
تتجمع الأطياف في الريح كالباقة
والريح في التطواف للدمع سباقة
تحي بعض الأوساط الثقافية في أيامنا هذه ذكرى رحيل الكاتب والأديب ممدوح عدوان الأكثر شهرة وأهمية في مصياف وريفها والذي يصادف في ١٩ كانون الأول من كل عام وذلك من خلال اقامة بعض الفعاليات الثقافية كما درجت العادة ولسنوات عديدة في المركز الثقافي في مدينة مصياف اضافة الى تقليد سنوي متبع من قبل بعض اصدقاء أديبنا الراحل إذ يعملون على زيارة ضريحه ويقرؤون عليه وله بعضا من الشعر أو ماشابه ذلك..
حقيقة لكاتب بحجم ممدوح عدوان الكثير من الدين في اعناقنا جميعا ومن الواجب الإهتمام أكثر بذكرى رحيله وذكرى ميلاده ايضا من خلال العمل على إقامة فعاليات أكبر وأكثر للتعريف به وبمنجزه الإبداعي الباذخ..
إن الحديث عن كاتب وأديب وشاعر ومسرحي ومترجم ومثقف موسوعي نقدي جريء بحجم ممدوح عدون يستدعي استنهاض واستنفار طاقات وملكات من حجم بعض ابداعاته على أقل تقدير فهو المبدع الحق الاستثناء والذي كلما عمل بحقل ابداعي لقي عمله النجاح حدّ الادهاش ..
كتب الشعر فاصدر اولى مجموعاته الشعرية عن وزارة الثقافة ١٩٦٧ والتي جاءت بعنون ( الظل الأخضر ) وتبعها عام ١٩٧٠ بمجموعة ( تلويحة الأيدي المتعبة ) عن اتحاد الكتاب العرب
واصدر في مجال الشعر مايقارب ثمان مجموعات شعرية
كما انجز العديد من الأعمال المسرحية مثل ( ليل العبيد _ الغول _ هملت يستيقظ متاخرا _ الخاض _ لو كنت فلسطينيا..الخ )
وكما ذكر بانه اول من كتب المونودراما في سورية مثل ( حال الدنيا _ القيامة _ الزبال
وكتب في الدراما فابدع أيما إبداع وما مسلسل ( الزير سالم ) إلا الشاهد الأبرز على سوية ابداعه وتمايزه ..كما كتب ايضا مسلسل ( المتنبي ) وغير ذلك..
وكتب في النقد والبحث الأدبي والنثر نذكر مما أصدر في ذلك العناوين ( حيونة الانسان _ دفاعا عن الجنون _ اعدائي _ جنون آخر _ تهويد المعرفة _ نحن دون كيشوت _ الفارسة والشاعر _ جنون آخر ..الخ )
كما أبدع في الترجمة أيضا وأهم ما ترجم مذكرات الروائي العالمي اليوناني نيكوس كزانتزاكيس بعوان( الطريق الى غريكو _ التقرير الى غريغو ) وترجم أيضا مما ترجم الالياذة
كما عمل في الصحافة منذ ستينيات القرن الماضي وكان الصوت الجريء المدوي كضحكته التي الفتها شوارع دمشق ومصياف وحارات قريته قيرون ..
في هذه المناسبة نستذكر في جلساتنا الخاصة وأصدقاء الراحل مواقف وقصائد ونصوص تلك القامة الثقافيةالكبيرة التي شغلت ولعقود الحيز الكبير في المشهد الثقافي لتكون مدعاة لعمل أدبي هنا ونشاط ثقافي هناك يليق به وبتاريخه الادبي ومنجزه الإبداعي ..
وكان راحلنا أيضا من أنشط أعضاء اتحاد الكتاب العرب وكانت لمداخلاته لاسيما في المؤتمرات الأثر الكبير والطيب في نفوسنا جميعا ..
كما عمل في الصحافة والإعلا منذ مطلع الستينيات وهو خريج جامعة دمشق كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية ١٩٦٦
وايضا عمل مدرسا في المعهد العالي للفنون المسرحية وكان محبوبا جدا من طلبته وزملائه..
ومن الجدير ذكره ان الراحل ممدوح عدوان ولد في ٢٣ تشرين الثاني عام ١٩٤١ _ قرية قيرون القريبة من مصياف .. ورحل عنا في التاسع عشر من شهر كانون الأول لعام ٢٠٠٤
لروحك الرحمة ايها الشاعر والمبدع الكبير الكبير ..وكم تحتاج مصياف من زمن لتنجب ابنا من حجمك ..حجم روحك وقلبك وفكرك وثقافتك ..وكم تحتاج قيرون من زمن لترى طفلا وفتى وشابا ورجلا يمشي في دروبها ..على حافة نهرها ..في فيء سنديانها من مقامك انت يا ممدوح ..عليك ..على روحك سلام الشعر وامطار دهشته ونشوته ورعشته ..
ونختم بما بدأنا به ..بالشعر من ذات القصيدة التي افتتحنا بها مادتنا هذه والمعنونة ب( للريح ذاكرة ولي ) إذ يختمها بالقول :
نتعمّد الإسراف لنستّر الفاقة
الزّاد خبز حاف والنفس أفاقة
الدّمع نهر جاف ما بلّل الياقة
والرّيح في الأعطاف ذكرى بلا طاقة
يبكي لنا الصّفصاف فنحنّ كالنّاقة
تابوتنا مصياف والقبر ورّاقة

المزيد...
آخر الأخبار