في الوراء أشياءٌ جميلةُ ، لكنها قليلةٌ إن قستَها بما تركتَ
من أشياءَ قبيحةِ الملامح .
انفعالي المواقفِ ، والخياراتِ ، سريعُ التبديل من السرعة ١٨٠ إلى السرعةِ ٢٠ والعكسُ أيضاً .
تخونُكَ الذاكرةُ التي حاولتَ ربطَ قدميها بخيطٍ
يشدُها نحو الأمام .
كلما رأتْك غيرَ مهتمٍ بفحواها ،ومعناها ،وثقلِ ما تحملُه تضربُك بسوطِ الوراء .
ساديةٌ تعذبُك ،وأنت البريء مما اقترفتْ أيامُك من أغلاط . كنتَ ضحيةَ الظروفِ الملوثة ،وعَدّادِ الوصايا المولودةِ
في مستنقعاتِ الخوف .
تحلمُ أن ينتهيَ الحلمُ ،وتصحوَ ، لتتركَ في الوراء أشياءً جميلةً تَرجَحُ كفّتُها على كَفّةِ الأغلاطِ القبيحةِ.
يمرُّ عيدُ ميلادِكَ غريبَ الأطوار ،أغلقْتَ بطاقةَ الاتصالِ لأيامٍ ،عدّتَ تفتحُها وقلبُك يقفزُ من مكانه بانتظارِ رسائل التهنئة .
فتحتَ جهازَك بعد استخدام الرمز السري مشتْ أصابعُك
إلى صندوقِ الرسائل .
رسالةٌ أولى ، ثانية ، ثالثة ….. سابعة .
كلُّ الرسائلِ بمضمونٍ واحدٍ :
تمَّ شراءُ ربطةِ خبزٍ عدد ١ .
فأنتُ وحيدُ القرنِ تحملُ الأرضَ عليه.
انفجرتَ ضاحكاً حتى وصلتْ ضحكتُكَ حدودَ الصين .
تسألتَ بينك ،وبين نفسك :
هل آخذُ اللقاحَ الصيني ،الروسي ،البريطاني .
وضعتَ يدَكَ على كتفِك ، وقلتَ : آخ .
محتارٌ أنت ماذا تفعلُ بكلِّ هذا الخبزِ المتراكمِ
في مطبخِكَ ،والعصافيرُ تأخرتْ في عيد ميلادِك .
ما زلتَ تنظرُ إلى جهازك الجوال لعلًّ رسالةَ تهنئةٍ
تُبَرّدُ قلبَك .
تسمعُ صوتاً قوياً يناديك : وراء درْ .
تنتفضُ ،تنهضُ عن كرسيك ، تستديرُ للخلفِ
يتابعُ الصوتُ :جاثياً ثم مشيةَ البطة.
تنفذُ دون اعتراضٍ ، تمشي ، يعودُ الصوتُ :
وراء درْ ، وراء درْ ،وراء درْ .
تقضي أياماً ، وأسابيعَ ،وشهوراً وسنواتٍ ، وأنت تسمعُ
ذاتَ الصوت: وراء درْ ،ثم مشية البطة ، وأنت تنفذ دون اعتراض .
تزدحمُ المشاهدُ في رأسك من عربةِ الفولِ أمام مدرستِكَ الابتدائية حتى النفقِ الذي كنتَ تقطعُه إلى جامعتِك ،
إلى أن أصبحتَ صاحبَ سلطةٍ لا لا بسطة تصححُ خطأَ ذاكرتِكَ تضغطُ على رأسك بقوةٍ تشدُّ الخيطَ إلى الأمام
يأتيك الصوتُ :وراء در ،وأنت الذي لا تخالفُ قانونَ ذاكرتك تنفذُ الأمرَ ، ثم مشيةَ البطة .
تزدحمُ الذاكرةُ أيضاً من أغنيةِ حنا السكران حتى تصلَ
تنورةَ الحارةِ الجنوبية تلوكُ دمعَكَ .
تسمعُ رنةَ رسالةٍ جديدةٍ تنهضُ من تحت الغطاء
قدماك متعبتان من مشيةِ البطة .
تقرأ الرسالةَ :
تمَّ شراءُ ربطةِ خبزٍ عدد ١ .
تخونُكَ الذاكرةُ :
أحدٌ ما أخذَ حصتي ،يعودُ الصوتُ : وراء درْ .
نصرة ابراهيم