على ضفاف العاصي /// وراء دُرْ ///

 
في الوراء أشياءٌ جميلةُ ، لكنها قليلةٌ إن قستَها بما تركتَ  
من أشياءَ قبيحةِ الملامح . 
   انفعالي المواقفِ ، والخياراتِ ، سريعُ التبديل من السرعة ١٨٠ إلى السرعةِ ٢٠ والعكسُ أيضاً . 
تخونُكَ الذاكرةُ التي حاولتَ ربطَ قدميها بخيطٍ 
 يشدُها نحو الأمام . 
كلما رأتْك غيرَ مهتمٍ بفحواها ،ومعناها ،وثقلِ  ما تحملُه تضربُك بسوطِ الوراء . 
ساديةٌ  تعذبُك ،وأنت البريء مما اقترفتْ أيامُك من أغلاط . كنتَ ضحيةَ الظروفِ الملوثة ،وعَدّادِ الوصايا المولودةِ 
 في مستنقعاتِ الخوف . 
تحلمُ أن ينتهيَ الحلمُ ،وتصحوَ ، لتتركَ في الوراء أشياءً جميلةً تَرجَحُ كفّتُها على كَفّةِ الأغلاطِ القبيحةِ. 
يمرُّ عيدُ ميلادِكَ غريبَ الأطوار ،أغلقْتَ بطاقةَ الاتصالِ لأيامٍ ،عدّتَ تفتحُها وقلبُك يقفزُ من مكانه بانتظارِ رسائل التهنئة . 
فتحتَ جهازَك بعد استخدام الرمز السري مشتْ أصابعُك 
 إلى صندوقِ الرسائل . 
رسالةٌ أولى ، ثانية ، ثالثة ….. سابعة . 
كلُّ الرسائلِ بمضمونٍ واحدٍ : 
تمَّ شراءُ ربطةِ خبزٍ عدد ١ . 
فأنتُ وحيدُ القرنِ تحملُ الأرضَ عليه. 
انفجرتَ ضاحكاً حتى وصلتْ ضحكتُكَ حدودَ الصين . 
تسألتَ بينك ،وبين نفسك : 
هل آخذُ اللقاحَ الصيني ،الروسي ،البريطاني . 
وضعتَ يدَكَ على كتفِك ،  وقلتَ : آخ . 
محتارٌ أنت ماذا تفعلُ بكلِّ هذا الخبزِ المتراكمِ 
 في مطبخِكَ  ،والعصافيرُ تأخرتْ في عيد ميلادِك . 
ما زلتَ تنظرُ إلى جهازك الجوال لعلًّ رسالةَ تهنئةٍ 
 تُبَرّدُ قلبَك . 
تسمعُ صوتاً قوياً يناديك : وراء درْ . 
تنتفضُ ،تنهضُ عن كرسيك ، تستديرُ للخلفِ 
 يتابعُ الصوتُ :جاثياً ثم مشيةَ البطة. 
تنفذُ دون اعتراضٍ ، تمشي ، يعودُ الصوتُ :  
وراء درْ ، وراء درْ ،وراء درْ .  
تقضي أياماً ، وأسابيعَ ،وشهوراً وسنواتٍ ، وأنت تسمعُ 
 ذاتَ الصوت: وراء درْ ،ثم مشية البطة ، وأنت تنفذ دون اعتراض .  
تزدحمُ المشاهدُ في رأسك من عربةِ الفولِ أمام مدرستِكَ الابتدائية حتى النفقِ الذي كنتَ تقطعُه إلى جامعتِك ، 
إلى أن أصبحتَ صاحبَ سلطةٍ لا لا بسطة تصححُ خطأَ ذاكرتِكَ تضغطُ على رأسك بقوةٍ تشدُّ الخيطَ إلى الأمام 
 يأتيك الصوتُ :وراء در ،وأنت الذي لا تخالفُ قانونَ ذاكرتك تنفذُ الأمرَ ، ثم مشيةَ البطة . 
تزدحمُ الذاكرةُ أيضاً من أغنيةِ حنا السكران حتى تصلَ 
 تنورةَ الحارةِ الجنوبية تلوكُ دمعَكَ . 
تسمعُ رنةَ رسالةٍ جديدةٍ تنهضُ من تحت الغطاء  
قدماك متعبتان من مشيةِ البطة . 
تقرأ الرسالةَ :  
تمَّ شراءُ ربطةِ خبزٍ عدد ١ . 
تخونُكَ الذاكرةُ : 
أحدٌ ما أخذَ حصتي ،يعودُ الصوتُ : وراء درْ .
 نصرة ابراهيم 
المزيد...
آخر الأخبار