عندما نكتب عن ظاهرة ما لا نقصد مجتمعاً عينه ، لأن تلك الظاهرة أو الحالة قد تكون موجودة عند كل المجتمعات وترافق تطورها ، ولكن بنسب متفاوتة بين الأدنى والأعلى ، ولكن تبقى هذه الظاهرة أو تلك مرضاً يجب تشخيصه ووضع العلاج الناجح له ، وهذا يمكن أن يدرج تحت عنوان الإشارة أو النقد البناء. على كل حال لا يمكن أن يقوى المجتمع ويتطور إلا بالنقد الموضوعي الذي هدفه الإصلاح بعيداً عن حالة التشفي والتجريح
فمثلاً التسيب واللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية وهدر الوقت والبطر وعدم احترام القانون إلى آخره من ظواهر مضرة بالمجتمع ، وإن لم نحددها ونشير إليها ونعالجها بمبضع الوطن تستشري وتستفحل ويصعب مع الزمن القضاء عليها . إذ متى يتسيب العمال أو العاملون في بعض حقول الإنتاج وفروع الاقتصاد ..؟
عندما تغيب القدوة وتنام المتابعة ويترهل المسؤولون وتعطل المحاسبة، فإن معالجة هذه الظواهر تتطلب ميدانية المسؤول واطلاعه على الواقع بشكل ملموس يتعرف عن كثب على أوجاع المؤسسة ولا يكتفي بالمراسلات وتزيين الواقع عن طريق حفنة من المستشرطين والمتملقين الذين لا يعطون الصورة الحقيقية للواقع المعاش.
وضياع المعايير لأن هناك جنوداً مجهولين يجب التعرف عليهم مباشرة من دون حواجز أو موانع وهؤلاء الذين يعملون بصمت بعيداً عن التزليف والإدعاء حيث إن عملهم يشفع لهم ويعمل على استمرارهم هؤلاء يجب التفتيش عنهم والأخذ بيدهم وتشجيعهم ليقتدي الآخرون بهم .
التسيب ظاهرة مرضية خطرة وليدة تفشي البيروقراطية التي تعني البعد عن الميدانية في العمل ولا يمكن معالجتها إلا بالإدارة الديمقراطية لوسائل
الإنتاج وتثقيف العاملين والموظفين فالبعد عن الميدانية يخلق الروتين ويعطل التسيير الذاتي ويشل عملية الإنتاج وتشجيع الروح الفردية والمركزية الشديدة التي تخلق طابوراً من الانتهازيين والمدعين على حساب المنتجين الذين ما دخلوا يوماً مدرسة الاستزلام والتملق ، فهم وحدهم يستحقون ثناء الوطن.
أحمد ذويب الأحمد