تواجه الثروة الحراجية بالمحافظة خطر الزوال مع ازدياد التعديات وقصور إجراءات الجهات الإدارية للحفاظ عليها ، في وقت يتم إنفاق مبالغ بملايين الليرات لتحريج مساحات جديدة أو إعادة تحريج ما التهمته الحرائق وقطعه التحطيب الجائر ولعل الأخطر من ذلك تجريف الغابات من قبل متنفذين وإقامة محاضر البناء عليها بقصد الاتجار بها .
إن جولة على الغابات الحراجية الطبيعية والاصطناعية تظهر بوضوح أن قسماً كبيراً منها تم القضاء عليه وتحويله إلى بقع جرداء إلا من بقايا جذوع على سطح الأرض لا يتجاوز ارتفاعها 30 سم ، كما تظهر مواقع كانت حراجاً أحياء سكنية (خمس نجوم) تنعم بالماء والكهرباء وشبكة الهاتف والطرق والصرف الصحي وغيرها من الخدمات بشكل مخالف للقانون ، وهذه الخدمات تفتقد إليها بعض المناطق ضمن السكن النظامي.
لقد استغل المتنفذون وتجار الأزمة الظروف للتجرؤ على ثروتنا الحراجية فقطعوا أشجارها وأشعلوا النار فيها بقصد ( المشاحر ) لتجارة الفحم ، ولجأ آخرون إلى كسر الأراضي ووضع اليد عليها ، وقاموا بتجريفها وإقامة محاضر بناء عليها ، وهي الأخطر لأن الأشجار التي تعرضت للقطع أو الحرق يمكن زراعتها من جديد أما الحراج التي تحولت إلى كتل إسمنتية فهي تحتاج إلى إزالة وإعادتها إلى ما كانت عليه ، ولم يقف حد التعدي على الغابات عند العابثين بها بل امتد إلى بعض الجهات الإدارية التي أهملتها بحجة الأزمة أيضاً ولم تنفذ القرارات الإدارية بنزع اليد عنها إلا ورقياً ، كما أن بعض البلديات غضت النظر وقامت بتخديمها بالطرق والصرف الصحي والماء والكهرباء والهاتف بشكل مخالف للقانون والمفارقة أن المجالس المحلية تقول إنها لم تخدمها وإنما وصفت حالة الأبنية ضمنها ، بينما تتذرع شركات الكهرباء والماء والهاتف إن من سمح بتخديمها هي المجالس المحلية .
إن ما يهدد الغابات بالزوال ما يروج له أن التعديات بمختلف أشكالها أصبحت أمراً واقعاً مما سيؤدي لتشريع المخالفات وزيادة أعداد المعتدين عليها واعتبار ذلك شطارة .
أخيراً : إن التشدد من قبل الجهات الوصائية ( وزارة الزراعة والداخلية والإدارة المحلية ) أدى للقبض على معظم مفتعلي الحرائق بعد أن كانت غالبية الضبوط تسجل باسم مجهول والحد من انتشار هذه الظاهرة التي كان يتم تغطيتها بحركة الريح الشديدة وارتفاع درجة الحرارة كما أن التسريع بإزالة مخالفات البناء فيها وتطبيق القانون وتنفيذ قرارات نزع اليد عنها ومحاسبة المقصرين سيؤدي الى حماية ثروتنا الحراجية التي استنزفت أموالاً طائلة وجهوداً كبيرة .
عبد اللطيف يونس