شعورٌ غريب مهيبٌ ينتابك وأنت تقرأ عن سيرة رجالات بحجم أوطان فكيف وأنت تمرُّ أو تقف أو تجلس – في أو – على ذات المقعد في ذات المضافة التي كان ذاك الرجل الاستثنائي الثر و الباذخ يقضي جلّ أوقاته مع أبناء وطنه الذين كانوا يبادلونه الود بالود والنور بالنور..نعم إنه الرجل الذي أسّس لمفاهيم خاصة ودروس خاصة في الانتماء والعزة والكرامة والشهامة تناقلها الأبناء والأحفاد فأصبحت سيراً تروى لتكريس القيم والمبادئ التي كان وما زال أبناء تلك البقعة الجغرافية من أرضنا السورية المقدسة يُعرفون بها ..سيرة رجل يطفح بالمطر وبالقمح وبالانتماء للأمة السورية كما كان يسميها ..إنه سلطان باشا الأطرش.
وحين تقرأ عنه في الكتب والمراجع المنتشرة هنا وهناك، غير ما تسمع بعض تفاصيل حياته وطرائق تعاطيه مع الآخر سواء أهل بلدته أم ضيوفه من مختلف المقامات بدءاً من الرؤساء وانتهاء بفلاح من أترابه، نعم هو الرجل الذي أقل ما يمكن أن نقول عنه إنه القائد العام للثورة السورية الكبرى.
الرجل الاستثنائي الذي خاض المعارك تلو المعارك ضد المحتل الفرنسي إيماناً بقضيته الكبرى وسعيه لكرامة أمته الحرة الأبية رافضاً كلّ الإغراءات والهبات والعروض التي قد تقدم لرجل بحجم ثورة حقيقية..
ونهج ذات النهج بعد انتهاء الثورة وتحقيق شعارها الأول والأخير ألا وهو الاستقلال فرفض كل عرض في تسلّم منصب هنا أو أملاك هناك عائداً إلى أرضه ليعمل بها مستأنساً بأبهى مفردات الله والحياة ألا وهي ..التراب ..القمح ..الشمس ..الماء
نعم كل هذا وأكثر من الشعور بالغبطة والحبور تعيشه وأنت تقف على ثرى قرية (القريا) والتي امتدت واستطالت لتشغل كل اتجاهات القلب من سوريتنا النور.
تربة ترفل بالبياض الكثيف الكثيف رغم سواد حجارتها الحنون وتعبق بالأصالة والكرامة والضيافة ..
كل هذا الفيض من البوح يأتي لأقول شكراً وألف ألف شكر للشعر لأنه حملني إلى تلك البقعة الجغرافية من أمنا سورية ..
شكراً مديرية الثقافة في السويداء ( سويداء القلب) على دعوتها لي للمشاركة في فعاليات مهرجانها الثقافي الخامس، مهرجان سلطان باشا الأطرش والذي امتد من 22 حتى 25 من نيسان منتشرة تلك الفعاليات في مختلف بلدات المحافظة .
شكراً من القلب لأهل السويداء – سيما ( القريا ) – الذين قرأت في عيونهم أبهى مفردات النصر، نصر الجمال والخير والنور على القبح والشر والظلمة.
شكراً لأدباء تلك المدينة التي مثلوا حقيقة مفادها أنهم سلالة قمح وماء وطين ..فهم سوريون بحق ولا يمكن لنا إلا أن نمثل تلك الثقافة السورية الممتدة لآلاف آلاف السنين، ثقافة المحبة والخير والجمال والسلام.
شكراً للزملاء الأدباء الشعراء الذين شاركونا أقمارهم وأنهارهم لأنهم من درجة خصهم الله بها .
وفي الختام لابد من توجيه التحية لأحفاد رجالات الاستقلال الذين مازالوا يخوضون ذات المعارك ضد ذات العدو ولو بدّل قناعه.
نعم تحية لحراس الفجر والينابيع، والسلام على الشهداءِ وهُمْ يَفتحونَ نوافذَ النورِ ويبتسمونَ لنا فَيَطْفَحُ القلبُ قصائدَ وعصافيرْ .
عباس حيروقة