في هذه الأيام تمر الذكرى السنوية للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني ، وذلك حين أعلن الكيان الصهيوني في 15 أيار عام 1948 مايسمَّى بـ (دولة إسرائيل)، وكان ذلك اليوم يوماً أسود حل ـ ليس بالشعب الفلسطيني ـ بل بالمنطقة العربية, والعرب أجمعين .
فقد زُرِع هذا الكيان ليمنع وحدة العرب بفصل شرق الوطن العربي عن غربه, ومن ثم يستنزف موارد المنطقة بالحروب المستمرة التي يهدف الكيان الصهيوني من ورائها للتوسع الدائم, فتحرم شعوب المنطقة من الاستقرار والتقدم والنهوض.
إن الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان المصطنع ـ ولايزال ـ بحق الشعب الفلسطيني لايمكن أن تمحوها من الذاكرة أكثر من سبعة عقود من الزمن.. فالقتل والتهجير والتشريد وبث الرعب والإرهاب.. واغتصاب حق شعب عربي آمن في أرضه منذ آلاف السنين لابُدَّ أنها خلّفت الحقد في نفوس الأجيال على عدوٍّ لم يرحم طفلاً أو شيخاً أو امرأة من الشعب الذي اغتصبت حقوقه, وشُرِّد من أرضه في كل بقاع الأرض…
إنها مأساة حقيقية كبرى حلت بشعب آمن لم يتعرض لمثلها شعب في العالم, ولايمكن أن تعطيها حقها من الوصف مقالة في صحيفة .
إن ذكرى النكبة المؤلمة لن تمر مرور الكرام, وإنما ستزيد شعبنا إصراراً على العودة إلى دياره، فهذا حق لايمكن التفريط به , وليس من حق أحد التنازل عنه, وهذا الشعب المشرَّد متمسك بحق العودة إلى وطنه , وإقامة دولته مهما طال الزمن , وكلف من تضحيات …
والتمسك بهذا الحق إنما هو وفاء للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم عبر سنوات طويلة من الكفاح, وهم يقارعون المغتصب المحتل.
وما نراه على شاشة التلفاز من جرائم ترتكب كل يوم على مرأى العالم، شيء يدين الصهيونية إدانة دامغة بالإرهاب..
وذات مرة أبديت لأحد الأصدقاء ـ الذين كانوا يعيشون في الأرض المحتلة- استنكاري واستهوالي لما شاهدته من وحشية يقوم بها العدو تجاه شعبنا.. فقال لي: مايفعله العدو الآن, هو ماكان يفعله بنا منذ النكبة , بل قبل النكبة على يد عصابات (الهاغانا)، ولكن لم يكن في ذلك الزمن قنوات فضائية تصور للمشاهدين تلك الجرائم.
إن مصير الكيان الصهيوني الذي زرعته الفاشية التي اندحرت وزالت بانتهاء الحرب العالمية الثانية, سيكون كمصير الأنظمة الفاشية التي كانت في أوربا ، والتي صادف اندحارها أيضاً منذ أيام قليلة … زالت بعد أن كلفت العالم ستين مليون قتيل. ودعم الولايات المتحدة الهائل لهذا الكيان لن يجديه نفعاً, والحق لابد أن يعود إلى أهله مهما طال الزمن.
إن ذكرى النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني, هي ذكرى مؤلمة بلا شك لكل العرب, ولكن النكبة الكبرى ستحل بهذا الشعب لو تم التنازل عن حقه بالعودة إلى دياره.. هذا الحلم الذي لايزال ملايين المشردين يحلمون بتحقيقه.
د . موفق السراج