مشافينا الوطنية !

رغم معاناتها الشديدة من شح الأطباء المقيمين ، ونقص في بعض الأجهزة ، وكثرة أعداد المراجعين لها ، ما أثَّرَ سلبياً في نوعية بعض خدماتها، استطاعت مشافينا الوطنية تجاوز كل تلك المعاناة القديمة الجديدة ، وأن تكون بحق مشافي ميدانية ً ، بعد تحويلها نقاط ضعفها إلى قوة، لتشكل رديفاً مهماً لجيشنا العربي السوري.
لقد استقبلت تلك المشافي خلال سني الحرب الهمجية على بلدنا الحبيب ، كل الجرحى من المدنيين ضحايا الإرهاب الهمجي وصواريخه الحاقدة على مدننا وقرانا الآمنة ، ومن بواسل الجيش والقوات الرديفة الذين أسعفوا إليها من ميادين المواجهة مع الإرهابيين ، وقدمت لهم كل ما احتاجوه من إسعافات أولية وعلاجات ضرورية ، بالتوازي مع استقبالها يومياً آلاف المواطنين المرضى الذي هم بحاجة ماسة لخدماتها الطبية التي لم تنقص أو تؤجل في يوم ما من أيام الحرب.
ورغم تعرض بعض المشافي لاعتداءات الإرهابيين في بداية تلك الحرب كمشفى سلمية ، والصواريخ مؤخراً كمشفى مصياف – لم تخرج عن الخدمة، وشكلت الملاذ الآمن لعموم المواطنين المقيمين والوافدين ، الذين تلقوا – ويتلقون فيها كل أنواع الخدمات الطبية.
وكان العاملون فيها بحق عنواناً للغيرية الوطنية وللإخلاص بالعمل وخدمة الناس الفقراء وغير الفقراء ، من مراجعيها على مدار الساعة، من أطباء رفضوا مغادرة البلد مع من غادر ، وفضّلوا البقاء في أتون الحرب وإفادة وطنهم ومواطنيهم من علمهم وخبرتهم واختصاصهم، على المغريات الكثيرة والإغراءات العديدة التي قدمت لزملاء لهم من دول أوروبية فاتبعوها !.
ومن كوادر فنية أبت إلاّ أن تكون عوناً لأبناء بلدها في محنتهم الصحية ، فعملت – وتعمل – من دون أي كلل أو ملل وبمناوبات نهارية وليلية ، وبما يمليه عليها الواجب الوطني والقيم الأخلاقية .
و باعتقادنا ، لا يُنكر هذا الدور المهم والكبير لمشافينا الوطنية قبل الحرب وخلالها إلاّ جاهلٌ لايعرف أو لايريد أن يعرف حجم خدماتها الهائل للناس ، أو حاقدٌ لايعنيه غير الاصطياد في الماء العكر ، وكلاهما بحاجة إلى تصحيح النظر وإعادته ، للاطلاع الذي يفضي إلى معرفة ، والمعرفة التي تجلو كل خطأ وتصوِّبُ كل رأي بعيد عن الحقيقة .
و باعتقادنا، كلُّ طبيب بقي في الوطن ويعمل في مشافينا الوطنية في الوقت الذي كان بإمكانه فيه المغادرة يستحق كل شكر ، وكل ممرض أو ممرضة أو فني أو مستخدم يؤدي واجبه في تلك المشافي نحو مواطننا خير أداء يستحق كل تقدير .
وكل من يدعم قطاعنا الصحي العام ولو بكلمة يستحق كل محبة، فما باله عندما يدعمه بالأجهزة الطبية والمستلزمات الضرورية، عندها سنرفع له القبعة.

محمد أحمد خبازي 

المزيد...
آخر الأخبار