الإنجاز العظيم !

كشفت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل باجتماع مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال ، أن خمسة مليارات ليرة هي قيمة زيادة الوجبة الغذائية للعمال من 30 ليرة إلى 245 ليرة وهناك مقترح لرفع هذه القيمة لتصل إلى 300 ليرة !.
وبالطبع المشكلة لاتكمن في الخمسة مليارات ، وإنما في قيمة الوجبة الغذائية للعمال التي عدتها الوزارة إنجازاً عظيماً ، ينبغي أن نرفع لها القبعة عليه !.
فبهذه الـ 245 ليرة يمكن للعامل أن يملأ بطنه بوجبة غذائية متكاملة ودسمة تغنيه عن جوع ، وتمنحه صحة سليمة ، ما يجعله قادراً على العمل والإنتاج مهما تكن الظروف والأحوال ومن دون أي شكوى أو تذمر . ويمكنه بهذا المبلغ الكبير أن يسد رمقه بما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات تولِّد سعرات حرارية عالية ، تهبه قوة جسمانية خارقة ، وقدرة على العمل ما بعدها قدرة !.
هذا من وجهة نظر الوزارة ، وأما من وجهة نظر العامل فهذا المبلغ لايُشرى به سندويشة فلافل مدعومة أي بأربعة أقراص لا بثلاثة، من دون كاسة شاي أو كازوزة ، ولكن يستطيع العامل أن يشتري به اليوم كيلو بطاطا ، ليس لأن هذا المبلغ كبير بل لأن أسواقنا تغص اليوم بالبطاطا البلدية الرخيصة ، حيث تباع بالجملة بـ 175 للكيلو وب 225 بالمفرق !.
بل وللأمانة يمكنه أن يشتري به 2 كيلو من الخيار البلدي أيضاً الذي يباع اليوم في سوق 8 آذار ب 125 ليرة وكيلو واحد فقط من البندورة شريطة أن يزيد عليه 5 ليرات من جيبه الخاص ، كون البندورة محافظة على استقرارها عند عتبة الـ 250 ليرة للكيلو .
وحقيقةً لا نعرف كيف ترى الوزارة في هذا المبلغ المُضحك المُبكي إنجازاً عظيماً ، بالوقت الذي تعرف فيه أن قيمته الرائجة بيومنا هذا لاتساوي شيئاً يستحق الذكر أو يمكن الاعتداد به ، فسعر أي مادة بأسواقنا حتى لو كانت محلية المصدر تقاس بالأخضر الطيار أي بالدولار الذي قفز من عتبة الـ 48 ليرة بالعام 2011 إلى سطح ال 500 ليرة وأكثر في يومنا هذا، بينما بقيت رواتب العاملين في الدولة ثابتة عند تلك العتبة ولم تقفز إلى السطح وكما يبدو لن تقفز !.
وباعتقادنا ، ينبغي لاتحاد العمال ألاّ يطبل ويزمر لهذا الإنجاز العظيم ، الذي لايلبي رغبة عماله ولا يحقق أمانيهم التي يا ما طرحوها في اجتماعاتهم النقابية الدورية وبمجالس شركاتهم ومؤسساتهم الإنتاجية وبمؤتمراتهم السنوية ، بل ينبغي له أن يسعى لزيادة قيمة تلك الوجبة الغذائية لعشرة أمثالها على أقل تقدير ، ليستفيد منها العمال ، ولتكون حقيقية فعلاً وغير مضحكة مبكية !.

محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار