قد يحلو لك بالأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل ، أن تشتري لأطفالك ألبسة جديدة كي تدخل الفرحة إلى قلوبهم الصغيرة بعيد الفطر السعيد .
وقد يخطر على بالك أن تتجول في الأسواق المحلية وتتمعن واجهات المحال التجارية التي يعرض أصحابها فيها كل ماهو جميل ويناسب أطفالك ، ولكن من دون التسعيرة كي لا تنفر وتفر !.
وإذا غامرتَ ودخلت محلاً لتشتري ، فاعلم أنك تورطتَ لا محالة ، فالأسعار نار في عزِّ ( الشوب) ولاتناسب قدرتك الشرائية ولن يكفيك راتبك الشهري إن كنت ستشتري لطفلين !.
فالأسعار محررة وتركت منذ سنوات طويلة لرغبة صناع الألبسة وأصحاب المعامل والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، الذين يسعرونها على كيفهم وهواهم ، ويضيفون على تكاليف الإنتاج أرباحاً أقلها 200 بالمئة كما أفشى لنا هذا السر صديقٌ قريبٌ من المشتغلين في هذه الصناعة الوطنية!.
وبالطبع هذا غير الأرباح التي يحددها الباعة بعد حساب نفقات محالهم من أجور عمال وفواتير هاتف وكهرباء ومياه وقهوة وشاي وأركيلة .
لذلك تجد قطعة البي بي مثلاً التي لا يتجاوز طولها الشبر وعرضها الفتر ب 4000 آلاف ليرة ، وهي التي بالكاد كلَّفت 500 ليرة!.
وعلى ذلك يمكن القياس ، لتجد أن ألبسة الأطفال تحديداً من أغلى الألبسة البشرية ، وأرباحها فاحشة حقيقةً ، ومع ذلك يُقبل المواطنون على شرائها ولو مرة واحدة فقط بالسنة كونها ضرورية لأطفالهم ، فيما يشتريها القادرون شهرياً من منطلق ( البرستيج) الاجتماعي والمظاهر ، وبالتأكيد هذا من حقهم ولا اعتراض لنا عليه ولا حتى أي ملاحظة ، فمن ( عنده بهارات يرش على الرز ) فما بالك إذا كانت البهارات متنوعة والرز كثيراً !.
وباعتقادنا ، تحرير الأسعار الذي اعتمد في مرحلة ما سُمِّيَ آنذاك اقتصاد السوق الاجتماعي خطأ فادح ، أضرَّ بالسواد الأعظم من المواطنين وجعل الطبقة المتوسطة وهي الأكثر اتساعاً بالمجتمع السوري مسحوقةً ، وأدى من جملة ما أدى إلى تغوّل مافيات رجال المال والأعمال ، التي تتحكم بمقدرات العباد كيفما تشاء وترغب.
والحال لا يكون إلا بالعودة إلى التسعير المركزي لمعظم السلع والمواد التي يحتاجها المواطن ذي الدخل المحدود ، وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي يحتاج فيها إلى كل دعم حكومي.
* محمد أحمد خبازي