لكل مجتمع قيمه الخاصة به التي درج أبناؤه عليها وتختلف عن العادات والتقاليد التي ورثها الأبناء عن الآباء والأجداد فمثلاً: الصدق قيمة بينما ممارسة الرياضة عادة ، والوفاء بالعهد والوعد قيمة اجتماعية إيجابية أما النوم مبكراً والاستيقاظ باكراً عادة، فالمجتمع عندما يتخلى عن قيمه لم يعد لديه مايدافع عنه أو يؤمن به وهنا تكمن الخطورة إذ إن قوته في الحفاظ على قيم الحق والعدل والوفاء والمساواة والدفاع عنها وتعميق هذه المفاهيم في ذهن الناشئة وتحصينها ضد كل من يحاول إحداث خروقات من خلال بوابات لاحراسة فيها ، فالهزيمة ليست أن يهزم الضعيف أمام القوي بسلاحه بل هي الهزيمة التي تتسرب إلى النفوس فيصبح الإنسان مهزوماً من الداخل عندما يعيش خواء ثقافياً وفكرياً وعقائدياً وإلا كيف نميز بين من يدافع عن وطنه حتى الاستشهاد ومن يتآمر عليه حتى الخيانة، إنها مسألة قيم وإيمان بها والقيم أنواع منها إيجابي ومنها سلبي وكلها قيم لاتتطور، فالكذب كذب هنا وخلف جبال هملايا والصدق صدق قبل باكستان وبعدها والكذب و الصدق قيمتان واحدة سلبية والأخرى إيجابية لكن بعض الناس يحمل بين جنباته قيمتين متناقضتين في آن واحد ويعد هذا السلوك (شطارة) في تحقيق مصالحه ،فهذه تجارة خاسرة لأن لكل سلوك نتيجة لاتخفى على أحد وهناك من يعتقد أن الصدق يشكل له خطراً وعزلة وغربة بين الناس أما الكذب يحقق له ألفة ومحبة مادام الكل يكذب على الكل فالغزو الثقافي الذي يأتي من خلال وسائل الإعلام الأجنبي والفضائيات المختلفة الألوان والانتماءات والتمويل يلاقي أرضاً خصبة لدى الذين يمتهنون حرفة الكذب والنفاق لأن لا قيم إيجابية في سلوكهم.
وعندما نقول: هناك ثقافة المقاومة ضد ثقافة التطبيع يعني هناك من يعتمد قيم الحق والعدل ويدافع بصدق عنها قولاً وفعلاً ،وهناك من يؤمن بقيم سلبية تخالف طموحات شعبية لأنه مهزوم من الداخل وأخطر الهزائم هي الهزيمة النفسية والثقافية والعقائدية والأخلاقية فمثلاً: المقاومة اللبنانية لم تهزم أمام أعتى وأشرس عدو لنا بالتاريخ الحديث لأنها لم تهزم من الداخل حيث قيم الحق والإيمان بالوطن وقضيته العادلة التي يحاول هذا العدو طمسها وعدم الاعتراف بها لذلك كانت النتيجة أن صمدت وانتصرت .
أحمد ذويب الأحمد