الحياة موقف عز وشموخ وكبرياء … وتلك المقولة يتحلَّى بها عظماء الأمة دون سواهم .. والعظماء وحدهم هم الذين تتجسَّد فيهم مواقف العزة والكبرياء والتحدي، ولو كلفهم ذلك حياتهم ..
والشاعر والأديب والفنان ذو الموقف المشرّف الذي لا يعرف المداهنة والتلوّن والنفاق… هو وحده الذي ينال التقدير والخلود في حياته وبعد رحيله ..
ومن هؤلاء فنان الكاريكاتير العالمي الفلسطيني ناجي العلي الذي حمل بريشته وعقله ووجدانه هموم الوطن والأمة،والتزم بتجسيد تلك الهموم … وبالتحديد هموم الشعب الفلسطيني وقضيته ، فكانت لوحاته أكبر دليل دامغ يفضح جرائم الاحتلال الصهيوني ضد شعبه في الأرض المحتلة، وخارجها… فدفع حياته ثمناً لموقفه البطولي المقاوم للاحتلال .
فقبل أيام قليلة وتحديداً في 22/7/1987 خرج رسام الكاريكاتير العالمي ناجي العلي من منزله صباحاً ، قاصداً مقر الصحيفة التي كان يرسم بها لوحاته في ( لندن) فكان بانتظاره أحد عناصر الموساد الصهيوني ليطلق على رأسه رصاصة غادرة أدخلته في غيبوبة ثم فارق الحياة بعد أسبوع في المستشفى.
إن هذا الفنان الكبير مناضل حقيقي حمل في فؤاده قضية شعبه الفلسطيني الذي شرَّده الكيان الصهيوني عن أرضه ، ومن بقي في الأرض المحتلة عانى – ولا يزال يعاني– الويلات المستمرة على أيدي العصابات الصهيونية .
لقد كان يفضح برسومه ولوحاته في الصحيفة التي عمل بها ممارسات العدو الصهيوني ، وجرائمه الشنيعة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل الذي أصيب بنكبة كبرى لم يصب بها شعب في العالم .
والذي يثير السخرية حقاً أن الحكومة البريطانية قالت في السنة الماضية إنها ستعيد فتح التحقيق بقضية اغتيال الفنان ناجي العلي لمعرفة القاتل ، وذلك بعد أن سجلت القضية في حينها ضد مجهول ، وبعد أن كانت بريطانيا سبباً في نكبة الشعب الفلسطيني .
لقد رحل الفنان ناجي العلي شهيد نور الحق والموقف البطولي المقاوم ، وبقيت لوحاته شاهداً على جرائم الكيان الصهيوني.
ولكن ما أجمل أن نذكر هنا قول الشاعرة فدوى طوقان :
حسبوا الإعصار يُلْوى
إن تحاموه بسترٍ أو جدارْ
ورأوا أن يطفئوا ضوء النهارْ
غيرَ أن المجدَ أقوى
د. موفق السراج