مياه السد للزراعة وليست لتشغيل النواعير وتنظيف مجرى العاصي مقولة يرددها عدد من المسؤولين في المحافظة سمعناها مؤخراً بعد عدة مطالب من الأهالي وفعاليات شعبية لتنظيف مجرى النهر في وسط المدينة حيث تتوقف النواعير عن الدوران ويصبح العاصي مصدراً للروائح الكريهة والحشرات وتراكم الأوساخ بدلاً من أن يكون عامل جذب لتشجيع السياحة وإبراز المعالم التاريخية والحضارية التي تشتهر بها .
مشكلة مجرى النهر قديمة جديدة طرحت منذ سنوات طويلة لكن الجهود والنوايا الطيبة لم تنجح بحل هذه المشكلة إلا لأيام قليلة وفي مناسبات معينة مثل الأعياد ومهرجان الربيع وأحياناً لسقاية المواسم الزراعية وحسب مواسم الأمطار ، كما أن الحلول المقترحة كانت إسعافية ولم تكن علاجية لأن تعزيل المجرى أو إطلاق المياه فيه تكلف أموالاً طائلة بسبب طول مجرى النهر المار بمركز المدينة والحاجة إلى ألات ضخمة ، كما أن تنظيفه يستنزف كميات كبيرة من المياه قد لا تتوافر لإطلاقها بشكل دائم كما حصل في السنوات الأخيرة لأن مياه سد الرستن التي يتم ضخها بالنهر تعد المصدر الرئيسي لسقاية المحاصيل الزراعية وليست لغاية أخرى .
في الحلول المقترحة نعتقد أنه لابد أن تكون دائمة وذلك من خلال سلسلة إجراءات أهمها منع تحويل مجارير الصرف الصحي إلى مجرى النهر لأنها تلوث البيئة وتتسبب بالأمراض كالليشمانيا وغيرها ومنع استخدام هذه المياه الآسنة في سقاية المزروعات بشكل مخالف حفاظاً على الصحة العامة ، بالإضافة إلى تنظيف المجرى وتجفيفه لفترة مؤقتة حتى يتم وضع حصيرة حديدية وصب / بيتون / فوقها يجعل تنظيفه سهلاً ، لمنع تراكم الأوساخ وانتشار الروائح والحشرات وذلك بالاستفادة من نجاح تجربة مدينة دمشق قبل سنوات في مواجهة مشكلة مماثلة في تنظيف مجرى نهر بردى وخاصة الجزء المار بالقرب من مدينة المعارض القديمة ومبنى وزارة السياحة فيها .
وفي حال عدم كفاية الاعتمادات المالية المخصصة يمكن تجزئة المشروع على مراحل بمدد زمنية ومكانية محددة أو الاستعانة بمؤسسات المجتمع الأهلي للمساعدة من خلال تقديم آلات ومعدات وعمال ومواد لتسريع العمل وتحويل مجرى نهر العاصي والنواعير ليكونا درة جمال تليق بالمدينة ومكانتها التاريخية والحضارية .
* عبد اللطيف يونس