لن أتحدث في هذا المادة عن ظواهر ومظاهر أدبية أو سياسية أو فكرية لا ولن أتحدث عن تاريخ وعراقة وعقل المواطن السوري, ولأنني ابن بيئة ريفية فلاحية بسيطة دفعت أغلى ما لديها إذ قدمت أبناءها قرابين عزة وكرامة في سبيل وطن حرّ أبيّ .. ولأنني ابن قرية – كغيرها من قرى هذا الوطن الحزين – لم يبق على جدران مدارسها ولا في ساحاتها ولا على أعمدة الكهرباء أو الهاتف إلا وتزاحمت صور لشهداء شباب ميامين كما لا يوجد في بيت من بيوتاتها إلا ويقبع في فيء جدارها رجل حرب مصاب فقد بعض من بعض أطرافه حين معركة فدفنها في تربة طاهرة وعاد إلى أمه وليّا .. قدّيسا .. نبيّا
قرية جلّ إن لم نقل جميع شبابها في ساحات القتال . .ساحات النور المقدس .. كيف لا وهم حماة أقمار العالم . .شموس العالم ولأنني ابن قرية رأى ما رآه من معاناة أبنائها والتي ترقى إلى درجة الذل إن لم نقل الإذلال في سبيل تأمين لقمة عيش كريمة انطلاقاً مما أسلفت أرى أنه من البداهة أن تعمل الجهات المسؤولة قاطبة بشكل يليق بأبناء سورية الذين صمدوا وضحوا وصبروا ..
ومن البداهة أن تعمل حكومتنا بشكل يليق بتلك الصرخة التي أطلقتها تلك الأم السورية وهي تستقبل جثمان ابنها الرابع شهيداً وتقول بكل اعتزاز وأصالة : بقي لدي ولد واحد هو فداء لسورية من البداهة أن لا تُترك هذه الأم وأحفادها ( أبناء الشهداء) ,وسأسوق مثالين اثنين لا غير ليتبين أين باتت لقمة هذا المواطن السوري . .؟
أولا : رواتب الموظفين هل تكفي طعاماً وشراباً دون دواء وغطاء ورداء؟! وهذا برسم الحكومة .
ثانيا : الفلاح كالعامل يتحكم به التاجر في شراء المواسم أو في أسعار السلع الاستهلاكية .
ما مبرر أن لا توزع مخصصاتهم من مادة المازوت (الزراعي) بحجة عدم توفرها في حين أنها متوافرة وبشكل كبير بالسوق السوداء وبسعر 400 ليرة للتر الواحد وفوق كل هذا وذاك نجد أن التاجر يستلم ذاك المنتج بأبخس الأسعار ليطرحها بأسعار تروق له فنجد على سبيل المثال أن البطاطا بيعت للتاجر بـ 60 _ 90 ليرة أما الخيار تراوح مابين 50_75 ليرة وغيرها وغيرها من منتجات زراعية .
ألم يكن باستطاعة السورية للتسويق مثلا شراء البطاطا من الفلاح مباشرة بسعر 200 وتخزينها وطرحها بـ 250 ليرة بدلاً من أن يأخذها التاجر ويطرحها لنا بعد أشهر قليلة كما يفعل دائما بـ 500ليرة وبذلك تكون حمت الفلاح من خسارات محققة ورحمت المواطن ، وثمة مثال طرحناه غير مرة وهو : هل يختلف عاقلان في ضرورة إنشاء معمل للعصير الطبيعي ( برتقال – ليمون) في الساحل السوري ليستوعب ذاك المنتج الضخم الذي أصبح عبئاً على صاحبه ؟؟
من له المصلحة في طرح ظرف مسحوق اصطناعي بسعر يضاهي 4-5 كغ من الطبيعي ؟؟ من المستفيد من موات الحمضيات في الساحل السوري وانهيار الفلاح وتهتك العامل ؟؟ حين تنظر إلى حال الفلاح والعامل والمواطن العادي تخال أنه آخر اهتمامات الحكومة .. ؟؟!!
أسئلة تحاول أن ترقى لحجم صرخة أم الشهيد .
عباس حيروقة