كنَّا فيما مضى من سنوات، نرى لافتات وآرمات حديدية في ساحة العاصي تحذر من مخاطر السباحة في نهر العاصي، وتمنع الاقتراب من النواعير، وأما اليوم فقد بتنا نشاهد مجموعات من الشبان ومن مختلف الأعمار الذين يسبحون في العاصي ويغطسون بمياهه الآسنة المشبعة بالطمي من أعالي النواعير ، وخصوصاً في منطقتي باب النهر ومدخل حديقة أم الحسن مقابل فرع اتحاد الفنانين التشكيليين.
ويوم الجمعة الماضي غرق شابان بالنهر، الأول عمره 17 عاماً والثاني 32 عاماً، وهو ما يؤكد بالدليل القاطع خطر السباحة أو الغطس أو الاثنين معاً بالعاصي غير الصالح للسباحة مهما كان السبَّاح متمرساً ويمتلك من القدرة الجسمانية والقوة البدنية التي تؤهله للسباحة في البحر مثلاً أو في مسبح تتوافر فيه كل المواصفات القياسية للمسابح .
وباعتقادنا ، مادام العاصي يخطف شبابنا، ينبغي للجهات المعنية التشدد في منع السباحة بالعاصي ، والتشجيع عليها في المسابح العامة ، التي يتوافر فيها منقذون قادرون على التدخل بأي وقت إذا ما تعرض الشبان لخطر ما.
وذلك يكون – كما نرى – بتخفيض أجرة السباحة بتلك المسابح العامة وإتاحتها مجاناً لمن لايملك أجرتها مهما تكن زهيدة ، حرصاً على شبابنا من الغرق بالعاصي . قد يقول قائل : المسابح العامة ليست جمعية خيرية لتسمح الجهات العامة التي تملكها بالسباحة المجانية فيها، وهي إن سمحت فستغص بالشباب الذين يقصدونها يومياً للسباحة فيها مادامت مجانية !.
ونحن نقول : بالتأكيد إن تلك المسابح ليست جمعيات خيرية ، ومن حق الجهات المالكة لها أن تستثمرها وتحققق منها موارد ذاتية تعود عليها بالنفع العام ، بل يجب عليها استثمارها الاستثمار الأمثل لتنمية مواردها وأعمالها.
ولكنها لن تخسر خسائر فادحة إذا ما خصصت يوماً واحداً فقط من كل أسبوع للسباحة المجانية للشباب غير القادرين على تسديد أجرة السباحة ، ولا يضيرها مطلقاً إذا ما أدت دوراً مجتمعياً يجسد الخير في معانيه ، ويتيح لشبابنا السباحة في شروط سليمة تحميهم من خطر العاصي ، فالحياة ليست كلها استثمار مالي وجني مبالغ كبيرة ، بل فيها جوانب خيرية مضيئة عنوانها الرأفة بالناس والرحمة أيضاً.
من المأثور الشعبي المحفور بالوجدان الجمعي : (المركب التي ليس فيها لله تغرق) .
وما المانع أن يكون في تلك المسابح العامة يومٌ لله؟.
أي يوم مجاني للراغبين بالسباحة ولا يستطيعونها إلاّ بالعاصي الذي يبتلع بعضهم!.
محمد أحمد خبازي