دعوة للحياة

أجمل لحظات الصفاء النفسي أمضيها كل يوم صباحاً في عملي، وأنا أراقب الأطفال أثناء ذهابهم للمدرسة، هو عشق ورثته عن أبي رحمه الله، عشق يجلو كل مافي النفس من حزن وهم وتَفكّرٍ بأحوال الدنيا والناس.
يمر طفل يشاكس أخته، يراني أمامه يخجل ويسرع في مشيته، طفلة أخرى تقترب مني والفرح يتراقص في عينيها وهي تقول لي:أكيد عرفتني.. أجيبها بإيماءة من رأسي:نعم، وأبتسم لها وداخلي يضحك، فأنا ممن يعرف الوجوه بملامحها الموحدة الأصل، أكثر من معرفتها من خلال أسمائها المختلفة المعاني والاتجاهات.
أثناء حوار تلفزيوني سألتني مذيعة جميلة الوجه كطفل، لماحة ذكية:
(عندما تكتبين قصة الأطفال، هل تعملين على استدعاء الطفل الذي يسكن داخلك ويعيش في أعماق كل منا؟).
وقتها أجبتها بعفوية طفلة:
((أبداً لا أستدعيه، هو معي ويرافقني دائماً، وعندما أكتب للأطفال، فكتاباتي تنطلق منهم ومن تفاعلي معهم، ومراقبتي لهم في أدق حركاتهم وتفاصيل ردات أفعالهم وكلماتهم تجاه مختلف أمور الحياة.
المستمع الأول لقصتي الطفلية هو الطفل، بمقدار معالم الفرح والدهشة والتفاعل التي ترتسم على ملامحه أثناء إصغائه لقصتي يكون نجاحي في الوصول إلى عالمهم المفعم بالحياة والبراءة والجمال.)).
عندما كنا صغاراً لعبنا ألعاباً كثيرة، منها لعبة الحرب، نقتل بعضنا برصاص وهمي ونضحك كثيراً في نهاية اللعبة عندما نعود للحياة، ونجمع بعضنا لنبني بيتاً من الحجارة يجمعنا على أرض الحي فوق التراب والحشائش عبر لعبة جديدة..
توقفت حركة الأطفال في الشارع مع بدء ساعات الدوام المدرسية، عدت لعملي بصدر منشرح خال من كل هم وضغينة، ونفس سعيدة كلها رغبة بالحياة.

لما كربجها

 

المزيد...
آخر الأخبار