يقول بعض المثقفين إن الشعر قد تخلى عن مكانه الذي تربع عليه عقوداً من الزمن حتى قيل: (الشعر ديوان العرب)… لتحل القصة والرواية مكانه…
ولا أعتقد أن هذا الكلام دقيق.. فلكل فن من الفنون مكانته… والشعر فن عظيم عرفه العرب، واشتهروا به، واحتفوا بالشعراء النوابغ… وحين يظهر شاعر في قبيلة كانت تقيم الأفراح والولائم أياماً عديدة افتخاراً واعتزازاً، لأنه المدافع عن أعراضها، والممجد لمحامدها، والمفتخر بها بين قبائل العرب جميعاً… وقد ذكروا أن أبا عمرو بن العلاء قال: لم يصلنا عن العرب علمٌ أصح من الشعر.
وقد قدَّمت لمقالتي بهذه المقدمة لأقول: لايزال للشعر بريقه، وجمهوره… ولا يزال من شعرائنا المعاصرين من برع فيه، وتفوق، وأجاد… وذلك ما لمسته في الأصبوحة الشعرية التي أقامتها مديرية الثقافة بحماة في المركز الثقافي العربي بساحة العاصي يوم الخميس الماضي في 10/10/2019 لصفوة من شعرائنا وهم: عزام سعيد العيسى وأحمد عرابي الأحمد من محافظة حماة، والشاعرتان علا عبد الله من محافظة طرطوس، ورنا رضوان من حلب.
وأقول: لقد استمتعنا وأفدنا بما سمعناه من قصائد جميلة ترقى إلى مرتبة الشعر الحقيقي الذي تتوافر فيه المتعة والفائدة، وحلّقنا مع هؤلاء الشعراء إلى الأعالي لما كان عندهم من براعة في صوغ الشعر، وإلقائه… وقد تنوعت موضوعات قصائدهم بين حب الوطن، والذود عنه ضد العملاء والغزاة والطامعين، وبين قصائد أخرى غلب عليها الطابع الإنساني والوجداني الجميل.
وشعراؤنا المشاركون في سن الشباب، ولكنهم ليسوا حديثي التجربة الشعرية، بل تشعر ـ لنضج أشعارهم ـ بأنهم شيوخ للشعر.
والشعر الناضج الجاد الجميل الذي يواكب التجديد، وهموم الوطن والأمة، وهو شعر شاب وإن كتبه شاعر كهل أو شيخ، أما الشعر التقليدي الذي يجتر ما قاله الأقدمون، ولا يواكب أحداث العصر، وتطلعات الوطن والأمة، فهو ـ كما أرى ـ شعر كهل عفا عليه الزمن، وتجاوزه وإن كتبه شعراء شباب.
فهنيئاً لنا بهؤلاء الشعراء وأمثالهم، راجياً لهم التوفيق الدائم والنجاح.
موفق السراج