يخطئ من يعتقد أن المال يجلب السعادة والسرور فالسعادة هي حالة وجدانية قوامها الحق والعدل والجمال وهي وحي داخلي ينبع من قناعة ورضى وأمل دائم في الحياة وتحدّ للصعاب التي تعترض الطريق الطويلة في مسيرة الحياة. ليست السعادة هي في الوصول إلى نهاية الطريق المكللة بالنصر والحصول على المبتغى.
فالامتناع عن الوقوع في الخطيئة هي قمة السعادة، وتقديم العون والمساعدة لمحتاج أو فقير أو إغاثة ملهوف يزرع في النفس وروداً وأزهاراً تنعش النفوس في صباحات الربيع العطرة وتبعث السرور في نفوس القادرين على العطاء الذين يمسكون في أيديهم الشموع المضيئة في ليالي الشتاء المظلمة. هناك نوع من البشر يعتقد أن السعادة في جمع الثروات وتكديس الأموال دون إعارة الاهتمام إلى العلم والمعرفة فهؤلاء لايشعرون بالسعادة أبداً لأنهم ينطلقون من جيوبهم.
كم هي سعادة المواطن منا عندما يشير إلى مواقع الخطأ بقصد تجاوزه وكم هي تعاسة عندما يرى الواحد منا الخلل ويغض الطرف عنه، عندما يصل الإنسان إلى هدفه النهائي قائلاً: إنه بلغ مراده وحقق سعادته فهو في الحقيقة لم يحقق السعادة الحقيقية التي يشعر بها الرجال الذين مازالوا يسيرون في الطريق المؤدية إلى السعادة، يا لها من سعادة كبيرة عندما يثني مواطن عادي بصدق دون تهكم أو إحراج على كاتب مقالة ربما تعبر عن أحاسيسه ومايجول في خاطره من أفكار لا يجرؤ التعبير عنها، الحياة ليست دائماً حلوة أو مرّة ولاتسير في نمط واحد إذ إنها لا تكيّف الإنسان ضمن منطقها بل الإنسان هو الذي يكيفها ويؤثر فيها ضمن إطار قيم المجتمع وتقاليده السمحة لذلك العيش فيها ليس سهلاً أبداً والوصول إلى السعادة فيها محفوف بالمخاطر والدفاع عن قيم الحق وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بالقضاء على المعوقات التي تعترض طريق الوصول إلى السعادة.
قال الأديب الروسي ديستوفيسكي: (السعادة لا تكمن في نهاية الطريق بل هي الطريق نفسه) و قال الأديب المهجري جبران خليل جبران: وما السعادة في الدنيا سوى شبحٌ يرجى فإن صار جسماً مله البشرُ. أحمد ذويب الأحمد