يدلك صوت فيروز الذي يصدح من السيارات الجوالة في أجواء محافظات أخرى على توافر أسطوانات الغاز فتعشقها لسببين أولاً لأن فيروز صوت ملائكي لايمكن أن يكون للصباح طعم دون سماعه، والسبب الثاني لأن دفء صوتها وحنانه يقيك مذلة الحاجة للغاز.
في المحافظة يختلف الأمر كلياً فنحن نعلم بوصول سيارة الغاز من تعالي الصياح بين الناس ومن الحركة السريعة للموتورات والسيارات وهي تلحق سيارة الموزع أو من أصوات وضجيج الأسطوانات التي تخبط ببعضها البعض مصدرة صوتاً موسيقياً مزعجاً ومرعباً لكنه أيضاً محبب لأن ثمة أملاً بالحصول على أسطوانة غاز بعد انقطاع .
أسئلة كثيرة لم أستطع أن أقنع نفسي بإجابات حفظتها عن ظهر قلب بعد كل أزمة تطالنا من الجهات المعنية في محافظتنا التي تشهد الأزمات واحدة تلو الأخرى وما إن تنتهي الأولى حتى تطل أزمة أخرى وكأن قدر هذه المحافظة أن تكون خارج تغطية الاهتمام والمتابعة أو أن يعاقب مواطنوها بحجج لا نعرف أسبابها ، فبعد أزمة البنزين الخانقة ، وأزمة المازوت المذلة والتي طبعاً لم تنته بعد لأن أغلب قرى وبلدات المحافظة لم تحصل بعد على الـ ١٠٠ ليتر الأولى من المخصصات فيما حصلت مثيلاتها في المحافظات الأخرى على الدفعة الأولى ومنها ما حصل على ٢٠٠ ليتر مع العلم أن ريف المحافظة هو الأبرد ، جاءت أزمة الغاز التي يبقى لوقعها أثر أكبر على المواطن.
ومع أن المواطن الذي لاتكفيه أسطوانة واحدة كل ٢٣ يوماً إلا أنه سلم أمره لله واستعان بوسائل أخرى من أفران كهرباء وسخانات وطباخات لتكفيه الأسطوانة هذه المدة القليلة على مبدأ «رضينا بالبين والبين مارضي فينا» لأنه وسرعان ما تخلى الطرف الآخر عن التزامه بالمدة التي طالت في الكثير من الأحيان لتصل إلى ٦٠ وحتى ٧٠ يوماً دون أن تحصل الكثير من الأسر على حقها ، والتبريرات التي نسمعها دائماً تتمحور بنقص الواردات من المادة للمحافظة وبالتالي انعكاسه على نقص المادة في مختلف مناطقها وقراها.
ونعود لنتساءل: لماذا في المحافظة فقط؟ لماذا لاتزال فيروز تصدح في أجواء مدن أخرى على مدار الساعة، وأغلب المحافظات إن لم نقل كلها بلا أزمة ستشهد بعد فترة قصيرة إنهياراً في الشبكة الكهربائية لتبدأ أزمة انقطاع الكهرباء وبالتالي توالي الأزمات ، وكل أزمة والمواطن الذي سيضطر لشراء أسطوانة غاز بالسعر الحر الذي يصل لـ ٦٥٠٠ ليرة مع الضيق المادي ليس بخير .
ازدهار صقور