لا أعلم إذا كنا نستطيع أن نعيش من دون أن نرى يومياً الشوارع وقد أكلت الحفريات جوانبها وأعماق الطرقات الرئيسية والفرعية والأرصفة العريض منها والضيق، ولا أعلم إن كانت بلدياتنا قادرة على رؤية الطرقات والشوارع الواقعة تحت سيطرتها من دون دلائل تؤكد للسكان المقيمين في المنطقة المحفورة أو لعابري السبيل أن العمل الخدمي يسير وبوتائر عالية صيفاً وشتاءً.. خريفاً وربيعاً.. ليلاً ونهاراً.. في الواقع وفي النوايا، ومع ذلك نبقى نملك من الفضول الشيء الكثير، فضول يريد أن يعلم لماذا محكوم علينا أن نتعايش مع الحفر ونقص الخدمات؟، لماذا لاتنتهي هذه الظاهرة بحلول جذرية تريح البلديات والمواطنين؟، لماذا تنشط عمليات الحفر والتنقيب في الشوارع فقط في الشتاء؟.
حقيقة قلما تجد طريقاً خالية من الحفر وكأن البلديات تخصصت في تأهيل الحفر والمطبات، حتى تجد نفس الشارع موضوعاً في خطط سنوية متتالية ضمن بند الحفر، فتارة من أجل توسيع شبكة المياه، وتارة لأجل الهاتف، وتارة أخرى من أجل الكهرباء، وتارة لأجل الصيانة، وتارة لتوسيع الرصيف، وتارة لتعبيد الطريق مرة أخرى، وتارة من أجل الصرف الصحي، وتارة لتوسيع الطريق، وتارة لتحسين المظهر العام، وتارة من أجل ممارسة هواية الحفر، وتارة استنكاراً للإيدز والخنازير، وتارة لخفض الانبعاثات الحرارية حرصاً على السيد أوزون.. فمشاريع الصرف تضرب أنابيب المياه ،فتحفر المياه للإصلاح فتضرب خطوط الهاتف، وإصلاح خطوط الهاتف لاأعرف ماذا يضرب،وهكذا…
غريب أمر مسؤولينا الحفارين وغريبة تلك المتعة التي يشعرون بها حين ينشرون آلاتهم في الطرقات ويوعزون لها بالحفر إلى مالا نهاية، وغريب أن المؤسسات الخدمية لاتلتقي ولاتتفق على موعد مشترك لإنهاء جميع أعمالها بالتوازي.. لا أعلم قد يكون تفكيرنا هو الغريب لأن بعض المعنيين لاتنقصهم الحنكة وبعد النظر، وعلينا أن نفهم الأسباب ونسلم بها كونها نوعاً انضم إلى العادات والتقاليد الخدمية.
يؤجلون الحفريات إلى الشتاء وكأنهم لايعلمون انعكاسات ذلك على المواطن ولاسيما الأطفال، فكم من طفل سقط في حفر مغمورة بمياه الأمطار، وكم من طفل لايستطيع عبور الشارع نتيجة الحفر والأوحال بعدما امتزجت الأتربة بمياه الأمطار فتحول الشارع بكامله إلى مستنقع من الوحل وليس من الشوكولا.
فكم من شارع فتح بطنه وأخرجت أحشاؤه ونسي الجراح تقطيب جراحه وتضميدها ..
ولعل السؤال الذي يطرح هو : لطالما عجز مجلس المدينة الفلاني عن تسوية حفرة صغيرة، فلماذا يقحم نفسه في مطبات لايستطيع النهوض منها،بمعنى أوضح لماذا يفتح المزيد من جبهات العمل وخاصة إذا كانت إمكاناته لاتسمح بذلك، فبعض الشوارع يتم تزفيتها على عجل وسرعان ماتتحول إلى خنادق ومستنقعات للمياه والأوساخ بل تصبح كميناً يصطاد العابرين حيث لايوجد أي أثر لشاخصة دلالة أو تحذير، مايجعل القيادة في تلك الشوارع أو الطرقات أثناء انغمارها بالمياه مشكلة كبيرة .
خلاصة القول: نأمل التنسيق بين المؤسسات الخدمية وإعادة الوضع إلى ماكان عليه قبل الحفر على أقل تقدير.
فيصل المحمد