في العلاقات العاطفية والزوجية، يشعر أحد الطرفين أحياناً بالغيرة، وغالباً ما يكون ذلك بدافع الحب، وكما تغار المرأة، يغار الرجل أيضاً، لكن لكلٍّ منهما طريقته في التعبير عن غيرته، وأيضاً أسبابه ودوافعه الشخصية ومعاييره الخاصة التي تميِّزه بها عن غيره. فالإنسان كائن غيور بطبعه ، و شعور الغيرة منوط بالحب ومتعلق به ، والحب باعث من بواعث الغيرة وهو أقواها لكنه لاشك ليس الوحيد . فالغيرة مرتبطة بأسمى المشاعر وهي أرق ما يحصل للقلب، والغيرة حالة سيئة حسب تعريف الجرجاني ، ونحن نقصد هنا غيرة الحب، غيرة الرجل على المرأة و غيرة المرأة على الرجل .
وغيرة الحب تختلف تماماً عن غيرة أخرى، وهي مطلوبة ومرغوبة ، بل هي دعامة أساسية لاستمرار الحب و امتداده على طول الزمن، لأن الباعث النفسي عليها هنا لا يكون حسداً بقدر ما يكون رغبة، وإن كانت الغيرة نابعة عن حب فهي إذا باعثة نفسية مادتها المروءة و المحبةُ ، وقد أبدع شكسبير في مسرحية عطيل وهو يصور الغيرة إذ كان حب عطيل لديدمونة نبيلاً لكن عقله كان سريع التأثر بسموم ياغو ووشايته عن حبيبته حتى وصلت غيرة عطيل إلى حد الوحشية فقضت على حياته وحياتها .. فالغيرة نوع من أنواع الانتحار العاطفي وهي كداء السرطان متى علقت بذهن إنسان تبقى جاثمة فوقه ليلاً نهاراً ، وتصبح عارضاً من أعراض الخوف ، والرجل الذي يشعر بالاطمئنان والأمن في قرارة نفسه لا يمكن أن يبتلى بداء الغيرة … الغيرة دليل مرض تؤرق وجود الإنسان وتجعله لا يشعر بالارتياح التام مع من يحب ، حيث يشتد بينه وبين محبوبته الخصام والجدل ، فتراه يتهم أحدهما الآخر وتساور كل منهما الريبة و الشكوك .
ومن الغيرة ما قد تصل إلى حد الجنون وتدفع الى القسوة كارتكاب جريمة قتل -كما أسلفنا من أمثلة – وكم من غيرة سببت طلاق زوجين …. رائد الحب الحكمة . والمحبّ الحقيقي لا يعرف الحسد إلى قلبه سبيلا.
وكم هو مخطئ من يظّن أن الحب يقاس بمقدار سيطرة الحبيب على حبيبه ، فالحب في معناه ليس التملّك. والحب يتصف بالحكمة لا بالعنف .
ذهب بعض المُعاصرين إلى أن المرأة تغار لأنها عندما تغار تشعر برغبة في هزيمة ذاتها وعندها يكون كل سلوكها يتميز بإيذاء نفسها … فتُصبح عدوة نفسها فترتكب حماقات من أجل أن تجرح (الذكر) وتُضايقه وهي تعلم أنها ستفقده بهذا الأسلوب لكنّها تندفع و تتمادى ولا تستطيع أن تمنع نفسها، لقد تعلّمت أن تكره نفسها حين تعرّضت للنّبذ و التّرك و الحرمان فيا سيدتي تجنبي الوقوع في نار غِيرة الرجل . وأنت أيها الرجل رفقاً بالقوارير..
فاطمه صلاح الدين الكردي